معلومات
قضاء: حيفا
عدد السكان عام 1948: 1110
تاريخ الإحتلال: 15/02/1948
مستوطنات أقيمت على أراضي البلدة قبل 1948: كيبوتس سدوت يام
مستوطنات أقيمت على مسطّح البلدة بعد 1948: أور عقيفا, قيساريا
خلفية:
كانت القرية تقع على شاطئ البحر، داخل بقايا متينة البنيان تعود لثغر بحري كان يسمّى أصلاً برج ستراتو. والاسم قيسارية تعريب لسيزاريا (Caesarea)، الاسم الروماني الذي أُطلق على المدينة التي خلفت برج ستراتو. أما الثغر البحري، فقد أنشأه ستراتو (Strato)، حاكم صيدون، في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد، مستعمرةً تجارية فينيقية. وأما المدينة، فقد بناها هيرودس (Herod) الكبير (توفي سنة 4 ق.م) ودعاها سيزاريا (أي قيصرية؛ تيمناً بسيّده أغسطس قيصر) بين سنتي 22 و10 ق.م. وتطورت إلى مرفأ مزدهر في عهد الرومان، وظلت كذلك أيام البيزنطيين (وقد أظهرت تنقيبات حديثة تحت المياه أن الميناء آية من آيات البناء البحري). وشهدت قيصرية تحول أول رجل غير يهودي إلى المسيحية (أعمال الرسل: 10). وفي القرن الثالث للميلاد كانت مركزاً لعلماء المسيحية، وذلك بفضل وجود أوريجينس (Origin) (توفي سنة 254م تقريباً) وكتبته فيها. كما أن أول قائمة مفيدة لأسماء مدن فلسطين، وهي تلك المعروفة بعنوان Onomasticon، كانت من نتاج يوسيبيوس (Eusebius) القيصري (القرن الرابع للميلاد).
انتقلت قيصرية إلى يد العرب سنة 640م تقريباً، وخصّها الجغرافيون والمؤرخون المسلمون والعرب باهتمام كبير. فقد ذكر اليعقوبي (توفي سنة 897م) أنها كانت آخر مدينة فُتحت في أثناء الفتح العربي. وكتب ناصر خسرو، في سنة 1047، يصفها بأنها مدينة جميلة ذات جداول، ونخيل، ومسجد جميل يتمتع المصلّون فيه بمشهد البحر، وسور حصين [مذكور في الخالدي 1968: 182، وفي Le Strange 1965: 474]. كانت البلدة أيضاً موطناً لشخصيات عربية ذائعة الصيت، ولا سيما عبد الحميد الكاتب (توفي سنة 750 م) الأديب المشهور في فن البلاغة. إلا أن نجم قيسارية بدأ بالأفول لاحقاً. وقد وصفها ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) بأنها كانت أشبه بقرية منها ببلدة. وعندما وقعت في يد الصليبيين نهبوها، ثم بنوا فيها مرفأ وجعلوها مقراً لرئيس الأساقفة، إلى أن احتلها السلطان المملوكي الظاهر بيبرس (1233-1277)، في سنة 1265. ولم تستعد فيسارية عافيتها إلا في سنة 1878 عندما استوطنها مسلمون من البوسنة هرباً من النمساويين الذين احتلوا بلدهم. وقد ذكر أوليفنت، وهو صهيوني بريطاني متصوف نضالي النزعة، أن المهاجرين البوسنيين بنوا، بعد خمسة أشهر من وصولهم، عشرين منزلاً حجرياً مع أقبية ومخازن للمؤن.
في سنة 1945، كان يقيم في قيسارية 930 مسلماً و30 مسيحياً. وكان شكل القرية العام موازياً للشاطئ، ممتداً من الشمال إلى الجنوب. وكانت منازلها مبنية بالحجارة المتماسكة بالطين أو بالاسمنت، غير أن بعض البدو كان يعيش في خيم يضربها حول قيسارية. وكان الطريق العام الساحلي يمر على بعد نحو 4 كيلومترات إلى الشرق منها. في سنة 1884، أسست مدرسة ابتدائية للبنين في القرية، خلال حكم العثمانيين. وكان سكان قيسارية يتزودون مياه الاستعمال المنزلي من آبار عدة، وكانت الزراعة عما اقتصادهم. في 1944/1945، كان ما مجموعه 18 دونماً مخصصاً للموز والحمضيات، و1020 دونماً للحبوب، و108 دونمات مروية أو مستخدَمة للبساتين. وقد أبرزت أعمال التنقيب التي أُجريت حديثاً آثاراً كثيرة تعود إلى قيصرية؛ منها: قناة المياه العليا وقناة المياه السفلى في المدينة، ومسرح، وأجزاء من سور المدينة (يعود تاريخها إلى الحقبتين الرومانية والبيزنطية)، وميدان سباق الخيل، وإهراءات التخزين داخل المرفأ، وقلعة الصليبيين الأحدث عهداً.
يذكر المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس أن ((قيسارية كانت أولى القرى التي تمت فيها عملية منظمة لطرد السكان العرب، على يد الهاغاناه، في سنة 1948)). إذ احتلت وحدة من البلماح القرية في 15 شباط/فبراير، و((هرب السكان أو أُمروا بالرحيل))، علماً بان بعضهم هرب سابقاً خوفاً من هجوم متوقع. وعندما أصر عشرون قروياً على ملازمة منازلهم حتى بعد أن اُحتلت القرية، دمّرت وحدة من البلماح منازل القرية في 20 شباط/فبراير. وكان قرار تهديم المنازل اتُخذ ف أوائل شباط/فبراير، في اجتماع هيئة الأركان العامة للهاغاناه. لكن موريس يدعي أن المنازل كانت ملكاً لليهود، وأن العرب استأجروها من جمعية استعمار فلسطين اليهودية، وأن ضباط البلماح المشرف على العمليات، يتسحاق رابين، لم يوافق على قرار تدمير القرية. كذلك اعترض على قرار التدمير مسؤول رسمي في حزب مبام اليساري، قائلاً إن سكان القرية ((عملوا كل ما في وسعهم للمحافظة على السلام في قريتهم وجوارها..)). وقد دُمّر ثلاثون منزلاً، واستُبقيت ستة منازل بسبب نقص في المتفجرات. وكان التدمير في السياق العام لتطهير السهل الساحلي شمالي تل أبيب، في الأشهر الأولى من سنة 1948.
دُمّرت المنازل في معظمها. وفي الأعوام الأخيرة، أجرت فرق إيطالية وأميركية وإسرائيلية تنقيبات في الموقع، على نطاق واسع، وحُوّل إلى منطقة سياحية. وباتت المنازل الباقية مطاعم في معظمها، وحوِّل مسجد القرية إلى بار.
--------
المصدر: وليد الخالدي، كي لا ننسى, 1990.