معلومات
قضاء: غزة
عدد السكان عام 1948: 5420
تاريخ الإحتلال: 01/02/1949
الوحدة العسكرية: النقب (بلماح)
مستوطنات أقيمت على أراضي البلدة قبل 1948: لا يوجد
مستوطنات أقيمت على مسطّح البلدة بعد 1948: شاحر، نير حن، نهوراه، نوجا، قسم من كريات جت
خلفية:
كانت القرية تنتشر على رقعة أرض كثيرة التلال في السهل الساحلي, ويمتد وادي الفالوجة عند تخومها الشرقية والغربية وكان الوادي عميقا, الأمر الذي منح القرية مزايا دفاعية. كانت الفالوجة بمثابة القلب في شبكة من الطرق العامة المؤدية إلى الخليل والقدس ويافا وغزة, وغيرها من المراكز. ويقول سكانها إن الفالوجة أقيمت في موقع كان يعرف باسم زريق الخندق. والزريق في اللغة العربية من الأزرق, وهو تسمية عامية لنبات بقلي له أزهار زرق يدعى الترمس, وكان ينبت حول الموقع. وقد بدل اسمها إلى الفالوجة تكريما لشيخ من المتصوفين يدعى شهاب الدين الفالوجة الذي جاء فلسطين من العراق في القرن الرابع عشر للميلاد, وأقام قريبا من الموقع ودفن هناك (أنظر أيضا بيت عفا, قضاء غزة). أما الرحالة العربي مصطفى البكري الصديقي, الذي ساح في فلسطين في أواسط القرن الثامن عشر فقد زار مقام الشيخ الفالوجي بعد مروره ببيت جبرين.
في سنة 1569 كانت الفالوجة قرية في ناحية غزة (لواء غزة), وفيها 413 نسمة. وكانت تدفع الضرائب على عدد من الغلال كالقمح من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل والجواميس وكروم العنب.
في أواخر القرن التاسع عشر كانت قرية الفالوجة محاطة بواد من جوانبها الثلاثة وكان فيها بئران وبركة إلى الشرق وبساتين صغيرة إلى الغرب ومنازل مبنية بالطوب. وكانت نواة القرية مجمعة حول مقام الشيخ الفالوجي. وفي الثلاثينيات بدأت أحياؤها السكينة التوسع, وامتدت لاحقا إلى الطرف الآخر من الوادي الذي أصبح يشطر القرية شطرين: شمالي وجنوبي. وقد بنيت الجسور فوق الوادي لتسهيل العبور بين شطري القرية, ولاسيما في الشتاء عندما كان مجرى الوادي يفيض في كثير من الأحيان. كان فيها مدرستان أحداهما للينين والأخرى للبنات: فتحت الأولى أبوابها في سنة 1919 والثانية في 1940. وكان في مدرسة البنين قطعة أرض تستخدم للتدريب على الزراعة ونزل للطلبة يؤوي 25 تلميذا وهذه المدرسة أضحت ثانوية في سنة 1947, عندما وصل عدد تلامذتها إلى 520 تلميذا وفي مدرسة البنات كان عدد التلميذات 83 تلميذة في سنة 1934.
كان سكان الفالوجة من المسلمين ولهم فيها مسجد يضم ثلاثة أروقة تعلوها قبب, أحدها مقام الشيخ الفالوجي كما كانت القرية تضم عدة مقامات أخرى أقل أهمية. وفي سنة 1922, أنشئ مجلس بلدي في القرية, كانت مداخيله تفوق نفقاته باستمرار (كان مجموعها 473 جنيها فلسطينيا في سنة 1929 مما أدى الى ميزانية متزايدة باطراد). أما الآبار الأربع التي كانت تمد سكان القرية بحاجاتهم من مياه الاستعمال المنزلي, فقد أضحت غير كافية عندما بدأت القرية بالتوسع. وعشية الحرب دشن المجلس البلدي مشروعا لسحب المياه من بئر قريبة من قرية جولس (أنظر جولس, قضاء غزة).
كان سكان الفالوجة يعملون على الأغلب في الزراعة البعلية فيزرعون الحبوب والخضروات والفاكهة. في 1944\1945 كان ما مجموعه 36590 دونما مخصصا للحبوب و87 دنما مرويا أو مستخدما للبساتين. وكانت التجارة تمثل القطاع الثاني من حيث الأهمية الاقتصادية فكانت سوق أسبوعية تقام في الفالوجة ويؤمها التجار والمشترون من جميع قرى المنطقة وبلداتها, وذلك من ظهر يوم كل يوم أربعاء حتى ظهر الخميس, في موقع خاص زوده المجلس البلدي ما يلزم من التسهيلات. بالإضافة إلى الزراعة والتجارة كان سكان القرية يعملون في تربية الحيوانات والدجاج وفي طحن الحبوب, وفي التطريز والحياكة, وفي صناعة الفخار وكان في الفالوجة مصبغة شهيرة تستقطب الزبائن من أرجاء المنطقة كافة.
احتلال القرية
أوردت الأنباء حدوث هجوم مبكر على الفالوجة في 14 آذار \ مارس 1948. فقد جاء في خبر نشرته صحيفة (نيورك تايمز) وأسندته إلى مصادر يهودية, أن (قافلة إمداد يهودية) اشتبكت مع السكان في معركة قتل خلالها 37 عربيا و7 يهود, وجرح العشرات من العرب وثلاثة من اليهود. وجاء في الخبر أن هذه القافلة, التي واكبتها عربات مصفحة تابعة للهاغاناه, كان عليها أن تشق طريقها بالقوة وسط القرية. غير أن مجموعة يهودية أخرى عادت في اليوم ذاته, ومعها فرقة للمتفجرات تابعة للهاغاناه, فنسفت عشرة منازل في الفالوجة, بما فيها البناء الذي يضم مجلس بلدية القرية, وهو مؤلف من ثلاث طبقات. بعد ذلك التاريخ بيومين, أكدت وكالة إسوشييتد برس أن الأبنية التي نُسفت كانت تضم المجلس البلدي ومركز البريد. وقد أوردت صحيفة (فلسطين) خبر وقوع اعتداء في الشهر السابق في 24 شباط\ فبراير, لكنها لم تورد أية تفصيلات.
عند نهاية تشرين الأول\ أكتوبر حاصرت القوات اليهودية لواء مصريا, كان يخدم فيه جمال عبد الناصر الذي غدا رئيسا لمصر لاحقا, وكان متمركزا في الفالوجة وفي قرية عراق المنشية المجاورة. وقد صمد اللواء فيها حتى شباط\ فبراير 1949, حين سلم (جيب الفالوجة) إلى إسرائيل بموجب اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل غير أن إسرائيل نقضت نصوص الاتفاقية فور توقيعها تقريبا, إذا أرغمت السكان بالإرهاب على مغادرتها في تاريخ لا يتعدى 21 نيسان\أبريل 1949 (أنظر أيضا عراق المنشية, قضاء عزة).
عند نهاية الحرب, كان لواء مصري ونحو 3140 مدنيا فلسطينيا محاصرين في جيب الفالوجة وذلك استنادا إلى المصادر الإسرائيلية. وعندما تم تسليم هذا الجيب غادرته القوات المصرية, غير أن عددا قليلا فقط من السكان آثر المغادرة. وخلال أيام قليلة باشرت الحامية الإسرائيلية المحلية ارتكاب أعمال الضرب والسرقة ومحاولات الاغتصاب, بحسب ما شهد مراقبوا الأمم المتحدة الموجودون في الموقع . وقد وجه وزير الخارجية (الإسرائيلي ) موشيه شاريت, تأنيبا إلى رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي بسبب ممارسات الجنود الاسرائيلين ضد السكان، وجاء في رسالة شاريت أن الجيش الإسرائيلي فضلا عن أعمال العنف المفضوحة, كان ناشطا في إدارة حملة من (الدعايات المهموسة) في صفوف العرب, تتهددهم بالعنف وبأعمال ثأرية من جانب الجيش لا تستطيع السلطات المدنية أن تحول دون حدوثها. ولا شك في أنه كان هناك أسلوب عمل مدروس غايته زيادة عدد الذين يغادرون (القرية) إلى تلال الخليل, بحيث يبدون أنهم يفعلون ذلك بملء إرادتهم والتسبب- إن أمكن- بتهجير جيمع السكان المدنيين "من الجيب".
وكتب المؤرخ بني موريس يقول إن قرار العمل على طرد سكان "جيب الفالوجة" كان, على الأرجح قد نال موافقة رئيس الحكومة دافيد بن- غوريون. وفيما بعد, تظاهر المسئولون الإسرائيليون بالسخط حيال ما حدث, كما خدعوا المجتمع الدولي في شأن الأعمال الإسرائيلية. فقد قال وولتر إيتان, المدير لوزارة الخارجية الإسرائيلية, للسفير الأميركي جميس ماكدونالد, إن إسرائيل أذاعت "رسائل تطمين متلاحقة" للسكان من أجل حثهم على البقاء غير أنهم تصرفوا كأنهم (رأو في الأمر مكيدة), وهجروا منازلهم. وقال إيتان إن السكان العرب كانوا (بسيطين وضحية الشائعات). وفيما بعد, أصبحت الفالوجة مثالا ونذيرا لسكان مناطق أخرى في فلسطين (ولا سيما الجليل), حيث كانت السلطات الإسرائيلية تأمل بالوصول إلى النتيجة ذاتها خلال سنة 1949, غير أنها لم تصب نجاحا مماثلا.
القرية اليوم
لم يبق من القرية اليوم سوى أسس مسجدها وبعض البقايا من حيطانه. وتغطي الأنقاض المتراكمة والمبعثرة موقع المسجد ويمكن مشاهدة بئر مهجورة وبركة, كما ينمو في الموقع صف من شجر الكينا ونبات الصبار وشوك المسيح والزيتون. وقد أنشئت عدة أبنية حكومية إسرائيلية ومطار على الأراضي المجاورة المزروعة في معظمها.أقيمت بلدة كريات غات الإسرائيلية على الأراضي التابعة لعراق المنشية والواقعة بينها وبين الفالوجة. وتوسعت الآن لتبلغ أراضي الفالوجة أيضا. وقد أنشئت مستعمرات شاحر ونير حين في سنة 1955 على أراضي القرية.
--------------------
المصدر: وليد الخالدي، كي لا ننسى (1997). مؤسسة الدراسات الفلسطينية
فيديو
كيرن كييمت- 120 سنة من نهب الأراضي والتهجير: جولة وفعاليّة لكشف بلدان فلسطينية مدمّرة داخل غابات كيرن كييمت- الجولة الكامله لقرية الفالوجة المهجرة