معلومات
قضاء: طبرية
عدد السكان عام 1948: 1380
تاريخ الإحتلال: 17/07/1948
الوحدة العسكرية: اللواء السابع
مستوطنات أقيمت على أراضي البلدة قبل 1948: لا يوجد
مستوطنات أقيمت على مسطّح البلدة بعد 1948: كفار زيتيم
خلفية:
كانت القرية تقع على طرف وادي صغير عند السفح الشمالي لجبل حطين. ولا تزال القرية من الناحية التاريخية تمتاز بأهمية تجارية واستراتيجية لأنها تشرف على السهل حطين وكان السهل يفضي الى المنخفضات الساحلية المحيطة ببحيرة طبرية شرقا ويتصل غربا بسهول الجليل الأسفل عبر بعض الممرات الجبلية وكانت هذه السهول بممراتها الشرقية - الغربية طرقا للقوافل التجارية والغزوات العسكرية على مر العصور. ومن الجائز أن تكون القرية بنيت فوق موقع بلدة الصديم الكنعانية التي اكتسبت في القرن الثالث قبل الميلاد اسم كفار حطين (كفر الحنطة) العبري وقد عرفت باسم كفار حتايا أيام الرومان وكانت مقر أحد حاخامي اليهود في القرن الرابع للميلاد. وفي سهل حطين كانت موقعة حطين الشهيرة التي هزم صلاح الدين الأيوبي فيها جيوش الصليبيين واجتاز بذلك الجليل كله. كانت حطين أيضا مثوى أو مسقط رأس الكثير من الأعياد في العصور الإسلامية الأولى وقد ارتبطت أسماؤهم باسم القرية في كتابات المؤرخين والجغرافيين العرب ومن جملتهم ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) والأنصاري الدمشقي (توفي سنة 1327) الذي يدعى أيضا الشيخ الحطيني. كما توفي فيها علي الدواداري الكاتب والخطاط ومفسر القرآن في سنة 1302 .
في سنة 1596 كانت حطين قرية في ناحية طبرية (لواء صفد وعدد سكانها 605 نسمات. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والزيتون بالإضافة الى عناصر أخرى من الإنتاج كالماعز وخلايا النحل في أواخر القرن التاسع عشر, وصفها الرحالة السويسري بوركهات بأنها قرية صغيرة بنيت منازلها بالحجارة وفي أواخر القرن التاسع عشر كانت حطين قرية تحف أشجار الفاكهة والزيتون بها وكان عدد سكانها 400 نسمة يعنون بزراعة قسم من السهل المجاور.
أما القرية الحديثة فقد كانت على شكل مثلث وكانت شوارعها مستوية ومستقيمة نظراً الى استواء ارض الموقع وكان مركز القرية الواقع في الشمال الغربي يشتمل على سوق صغيرة ومدرسة ابتدائية (أنشئت نحو سنة 1897 أيام الحكم العثماني) ومسجد لسكانها الذين كانوا كلهم من المسلمين وكان من المعالم الدينية في محيط القرية مقام النبي شعيب الواقع على المشارف الجنوبية الغربية لحطين. وكان أكثر الناس تكريما لهذا المقام الدروز الذين كانوا يحجون اليه في نيسان / أبريل من كل سنة. وكان المقام يحتوي على غرف عديدة لإقامة الزوار ومصلى يعتقد الناس إن فيه قبر شعيب واثر قدمه وكان بالقرب من المقام نبع يستقي منه الزوار.
كانت الأرض جيدة التربة وتتمتع بوفرة الأمطار والمياه الجوفية ولا سيما في الشطر الشمالي من السهل حيث كانت جملة ينابيع وآبار وقد أدى تضافر هذه العوامل الى نشوء اقتصاد زراعي مزدهر. وكان معظم سكان القرية يعمل في الزراعة التي كانت تقوم على زراعة الحبوب والثمار وضمن ذلك الزيتون. في سنة 1944 كان ما مجموعه 10253 دونما مخصصا للحبوب و1936 دونما مرويا أو مستخدما للبساتين. وقد بنيت القرية فوق بقايا أثرية لموقع كان آهلا فيما مضى, وكانت آثار ذلك متفرقة في أنحاء القرية وكان في جوار القرية أيضا خرب عدة.
احتلال القرية
تعود أولى تجارب سكان حطين المباشر في الحرب الى 9 حزيران / يونيو 1948 يوم صد هجوم إسرائيلي على قرية لوبيا قبيل بداية الهدنة الأولى. وقال بعض سكانها في مقابلات أجريت معهم بعد نحو خمسة وعشرين عاماً انه بينما كانت الوحدة الإسرائيلية المدرعة تنسحب شرقا أطلق المدافعون عن حطين النار على العربات من مواقعهم المشرفة على طريق الناصرة - طبرية العام وبعد أن اجبروا الوحدة الإسرائيلية على الابتعاد أكثر في انسحابها عادوا في معظمهم الى القرية للمشاركة في جنازة رفيق لهم استشهد في القتال. وما لبث الحراس الذين مكثوا على (قرني حطين)، وهما التلان العاليان اللذان يفصل بينهما واد والمعدودان من معالم ساحة المعركة القديمة، أن رصدوا وحدة مدرعة مصحوبة بالمشاة تتقدم في اتجاه القرية من ناحية مستعمرة ميتسباه اليهودية. وقد وصف احد الذين شاركوا في القتال للمؤرخ الفلسطيني نافذ نزال ما عقب ذلك من تطورات: التحقنا بحراسنا على قرني حطين. وكنا أقل منهم [من المهاجمين] عدداً, لكن مواقعنا كانت تشرف على مواقعهم...فكنا نرى كل حركة من حركاتهم. وبينما كانوا يتقدمون نحونا....قاتلناهم قتالاً ضارياً لمدة تنوف على أربع ساعات, واجبرناهم على التوقف. وقد نزل نفر قليل منا الى أسفل الجبل وتحصن خلف الصخور. ولما أطلقنا النار ظن اليهود أنهم وقعوا في كمين فقرروا الانسحاب.
الهجوم الثاني شنه اللواء شيفع (السابع) بعد نهاية الهدنة الأولى, وذلك في سياق عملية ديكل (أنظر عمقا, قضاء عكا). وقد اخبر السكان المؤرخ نافذ نزال أنه بعد سقوط الناصرة (في 16 تموز / يوليو) بدأ نحو خمسة وعشرين أو ثلاثين جنديا من جنود جيش الإنقاذ العربي ينسحبون من الأماكن التي كانوا اتخذوها مواقع لهم في حطين وقد غادر معظم السكان في ليل 16- 17 تموز / يوليو, ولاذوا بسلمة الواقعة بين دير حنا والمغار. وروى احد المجاهدين اللذين مكثوا في القرية بعد ذلك, ما جرى تلك الليلة: بقينا في قرني حطين حتى آخر دقيقة. ورأينا الوحدة المدرعة اليهودية تتقدم...وكنا قلة قليلة ولم يكن معنا ما يكفي من الذخيرة لمواجهة الهجوم...ففي أثناء الهجوم اليهودي الأول استعمل كثيرون من السكان كل الذخائر التي كانت معهم.... ثم انسحبنا الى القرية وهربنا صوب الشمال مع نفر قليل ممن تخلف في القرية.
بعيد احتلال القرية, بدأت الهدنة الثانية تدخل حيز التنفيذ. وفي الأيام القليلة اللاحقة عاد خمسة رجال لدراسة إمكان استرداد القرية لكن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار عليهم وقد تمكن واحد منهم على الأقل من العودة واصطحاب ذويه الى خارج القرية وذكر سكان القرية أيضا أنهم مكثوا في مشارف القرية مدة شهر في انتظار أن تسنح لهم فرصة للعودة الى ديارهم ثم آل بهم الأمر الى التوجه الى لبنان.
القرية اليوم
تغلب الحشائش على الموقع وتتبعثر أكوام الحجارة في أرجائه. وتنبت النباتات المائية في المجاري المائية الضحلة التي تخترقه. المسجد مهجور ومئذنته سليمة, لكن قناطره آخذة في التصدع وينبت شجر التوت والتين والكينا ونبات الصبار في الموقع. أما الأراضي الجبلية مرعى للمواشي. ولا يزال مقام النبي شعيب, القائم على سفح تل قريب من القرية مزارا يقصده الدروز.
أنشأت إسرائيل مستعمرة أربيل شمالي موقع القرية في سنة 1949 . كما أنشئت مستعمرة كفار زيتيم بعد عام شمالي شرقي الموقع. وكلتا المستعمرتين على أراضي القرية. أما مستعمرة كفار حطيم التي أسست في سنة 1936 الى الشرق, ومستعمرة متسباه التي أسست الى الشرق أيضا فهما قريبتان من موقع القرية لكن لا على أراضيها.