زوخروت

"لا يوثّق الأرشيف التجربةَ التاريخية، بل غيابَها في المقام الأول، ويذكرّنا المرة تلو الأخرى أنّ ما فقدناه لم يكن في أي وقت من الأوقات في حوزتنا تمامًا؛ الأرشيف ليس مصدرَ معرفة موقًّعًا يحمل الخطاب البريء الذي ينطقه التاريخ، بل إنه ذاك الذي يذْكر فقدانَ الذاكرة ومحوَها من خلال اللغة البيروقراطية التي تعتمدها إجراءات التصنيف والتخزين؛ إنه موقع يوثّق الظلم، ولذلك، فإنّه ذاك الذي يمكّننا من تتبّع مساراته؛ إنه المكان الذي تمثّل السلطةُ والمعرفة والسيطرة المتجليّة فيه الجانبَ الآخر لتراكُم الوثائق والشهادات التي تشق الطريق إلى تاريخ جرت تنسيته، والتي قد يأتي يوم تدين فيه أصحابها".          

(چيش عَميت، إكس ليبْريس: تاريخ من السّلب والحفظ والاستيلاء في المكتبة الوطنية، إصدار معهد ڤان لير والكيبوتس الموحَّد، 2014، ص 169-170، النص العبري) 

تعرض الأمسية الدراسية وتناقش ثلاث دراسات تاريخية تتناول كلٌّ منها، من منطلق مختلف، طُرُقَ أرشفة التاريخ الفلسطيني، طرقًا تتيح الكشف عن ميزان القوى والآليّات السلطوية التي تعتمدها إسرائيل لتتحكّم بكنوز الثقافة الفلسطينية وتستولي عليها. 

د. چيش عميت – يعرض د. عميت دراسته التي صدرت مؤخرا بترجمتها العربية عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية في رام الله. تتوقف الدراسة عند ثلاثة أحداث وقعت بين جدران المكتبة الوطنية: مشروع "كنوز الشّتات"، الذي أُحضِرت في إطاره إلى القدس بعد الحرب العالمية الثانية مئات آلاف الكتب التي كانت ملكا ليهود نهبها النازيون؛ وجمْع حوالي 30 ألف كتاب كانت ملكا لفلسطينيين إبّان حرب 1948؛ وجمْع كتب ومخطوطات ليهود من اليمن قدموا إلى إسرائيل في مطلع خمسينات القرن العشرين. وسوف يسلّط عميت الضوء على إجراءات التصنيف والفهرسة التي رافقت جمع كتب الفلسطينيين، وعلاقتها بعملية شطب ماضي ما قبل الصهيونية لأرض إسرائيل / فلسطين.

د. رونه سيلَع – تعرض د. سيلع دراستها عن صور التقطتها عدسات فلسطينية تضمّها أرشيفات عسكرية في إسرائيل (نُشرَت الدراسة ضمن كتاب صدر عن دار هِلانه وفي معرض أقيم عام 2009). تتناول الدراسة موضوعين رئيسيين يتّصلان بعضهما ببعض: الأول هو طرق الجمع والحفظ والكشف (أو الرقابة) التي اعتمدتها الأجهزة العسكرية والأمنية في إسرائيل طيلة القرن العشرين، وتعاطيها مع المعرفة التي تختزنها الصور عن الفلسطينيين؛ والموضوع الثاني هو التأريخ البصري الفلسطيني المفقود.

د. عادل منّاع – يقدّم د. مناع قراءة ناقدة للمصادر التي يعتمدها الجانب الصهيوني في مقاربته لأحداث النكبة مستندًا على مصادر فلسطينية، بعضها وثائق شفهية تمّ تدوينها. تصحّح هذه الدراسة حالة اللاتناسق القائمة في الدراسات ومصادر الدراسات التاريخية التي تتناول أحداث عام 1948 والسنوات الأولى التي تلتها. انتهى د. مناع مؤخّرًا من كتابة كتابه "النكبة والبقاء: قصة الفلسطينيين الذين بقوا في حيفا والجليل، 1948-1956" والذي سيصدر باللغتين العبرية والعربية في القدس وبيروت عام 2016.
     

عريفة الأمسية: دِبي فاربر

عقدت الأمسية يوم الأربعاء 29 تموز 2015، الأربعاء، الساعة 20:00 حتى 22:00 في مكتب جمعية "ذاكرات"، شارع يتسحاق سَديه 34، الطابق الرابع، مكتب رقم 400 في تل أبيب.