ظمت زوخروت (ذاكرات) يوم الاثنين الموافق 9.4.2012 مسيرة في قرية دير ياسين في الذكرى الـ 64 للمجزرة التي نفذتها منظمتا الإيتسل والليحي في أهالي القرية يوم 9.4.1948.
وقد شارك حوالي 50 شخصاً، أغلبهم إسرائيليون، في المسيرة التي بدأت من شارع كنفي نشريم رقم 22 في حي جبعات شاؤول بالقدس. تقع هذه المنطقة في الطرف الشرقي لدير ياسين، وكانت تابعة لأهالي القرية قبل النكبة، وكانت فيها أراضيهم الزراعية والمقالع التي اشتهرت بها دير ياسين. وكان يمر بها الطريق الرئيسي المؤدي إلى دير ياسين والذي حوّله الاحتلال فيما بعد إلى شارع كنفي نشريم (أجنحة نسور). كان هذا الشارع يوصل بين قرية دير ياسين وحي جبعات شاؤول اليهودي الذي أسس عام 1906 شرقي القرية. بعد مجزرة التاسع من نيسان 1948 طهّرت القرية عرقياً ومحيت من الوجود، بينما توسع الحي اليهودي جبعات شاؤول على حساب أراضي لاجئي دير ياسين.
بدأت المسيرة بالتذكير بأن العلاقة بين أهالي دير ياسين الفلسطينيين وأهالي جبعات شاؤول اليهود قبل النكبة كانت علاقة جيدة. وقد وقّع الطرفان ببداية عام 1948 على اتفاقية تعهد بعدم اعتداء أي طرف منهما على الآخر. إلا أن الطرف اليهودي خرق هذه الاتفاقية. وقد تم الهجوم على دير ياسين من ثلاثة اتجاهات، أحدها جهة الشرق حيث جبعات شاؤول.
وتكشف مستندات أرشيف منظمة "الهجناه" (للمزيد عن هذا الموضوع يمكن قراءة المقال المرفق) أن أهالي دير ياسين قد التزموا بتعهدهم رغم أن المناوشات بين الفلسطينيين واليهود كانت دائرة في مناطق عدة في فلسطين، وأنهم رفضوا اقتراح عبد القادر الحسيني، قائد المحاربين الفلسطينيين بمنطقة القدس، بإرسال مسلحين إلى قرية دير ياسين لحمايتهم، وكان ردّهم أن هذا خرق للاتفاق الموقع بينهم وبين أهالي جبعات شاؤول الذين تربطهم بهم علاقة سلام.
تحركت المسيرة باتجاه مركز دير ياسين، وبمقدمتها ثلاث لوحات كبيرة سوداء كتب عليها أسماء 93 من شهداء المجزرة. خلال 64 عاماً بنت دولة إسرائيل على أنقاض دير ياسين حياً سكنياً كبيراً ومراكز تجارية ومنشآت عامة، وحولت مركز القرية إلى مركز للصحة النفسية اسمه كفار شاؤول. ما زالت بعض المنازل الفلسطينية قائمة على جانبي الطريق. أول بيت من جهة اليمين تابع لعائلة رضوان، على الجهة المقابلة مبنى مدرسة البنات، وعند رقم 37 من شارع كنفي نشريم يقع بيت عائلة زهران الذي تسكنه اليوم عائلة إسرائيلية، وكانت ربة هذا البيت السيدة زينب عقل زهران والتي توفيت قبل عدة سنوات، كانت شاهدة على المجزرة. في الجهة المقابلة، حيث كانت عدة بيوت تابعة أيضاً لعائلة زهران، وقعت مجزرة راح ضحيتها حوالي 30 شخصاً من هذه العائلة. عند ذلك الموقع وقفنا وتلونا أسماء الشهداء.
خلال المسيرة كنا نتوقف عند المعالم الهامة ونسمع شرحاً عنها وعن تاريخ دير ياسين. عند مستشفى الأمراض النفسية، أي عند مركز القرية، مررنا وشرحنا عنه دون أن ندخله، ووصلنا إلى موقع مقبرة دير ياسين التي دمرتها السلطات الإسرائيلية وشقت في وسطها شارعاً ومنشآت أخرى. أحد سكان الحي، وهو شاب يهودي متدين، سمع شرحنا عن المقبرة، فقال لأحد المشاركين بالمسيرة أنه كان، وهو صغير، يلعب بالمقبرة الفلسطينية وكان يعبث مع أصحابه بالعظام المتناثرة في الموقع. من المثير أن هذا الشاب انضم إلى المسيرة ليسمع بقية المعلومات.
نقطة النهاية كانت على الطرف الغربي للقرية، خلف المستشفى المحاط بسياج معدني. من هناك يمكن رؤية بعض المنازل الفلسطينية الموجودة داخل منطقة المستشفى، ومن هناك نزح أغلب أهالي دير ياسين باتجاه قرية عين كارم، حيث كان هذا المنفذ الوحيد الذي تركته المنظمات الصهيونية لدفع الناس إلى الهروب من خلاله خوفاً من الموت وبحثاُ عن ملجأ. كان الجو في تلك الأثناء مرعباً ولم يعرف أهالي القرية حجم المأساة. اعتقدوا أن كل من لم يخرج من القرية قد لقي حتفه ولذلك وصلت أنباء عن مقتل أكثر من 250 شخصاً، الأمر الذي اتضح لاحقاً أنه غير صحيح. في تلك الأثناء أخذ المهاجمون اليهود عشرات الأسرى من دير ياسين، معظمهم من النساء، على شاحنات، وجابوا بهم شوارع الأحياء اليهودية في القدس، ليعرضوهم على السكان اليهود وليبشروهم بالنصر. بعد جولة الإذلال هذه أنزلوا النساء قرب باب الخليل في القدس القديمة، وأخذوا معهم الأسرى الرجال إلى منطقة الكسارات في القرية، غير بعيد عن نقطة انطلاق مسيرتنا، وأعدموا هناك سبعة أو تسعة منهم ورموا جثثهم.
إحدى المشاركات الإسرائيليات بالجولة، قالت إن عائلتها كانت مجندة لمنظمة الإيتسل، وأن الحديث بالبيت كان يدور عن استغلال منظمة الهجناه، بقيادة بن جوريون، مجزرة دير ياسين لتدعي أن الهجناه لا تقوم بمثل هذه الأفعال. وقال مشارك آخر أنه من المهم التنويه أن مجزرة دير ياسين التي قتل فيها حوالي 100 إنسان فلسطيني قد تكون هي الأشهر، ربما لأن بن جوريون اعترف بها واستنكرها، ولكنها ليست الوحيدة، ويجب إدخالها في السياق العام للنكبة، وقد قامت منظمة الهجناه بمجازر عديدة، منها مجازر اللد والطنطورة والدوايمة وغيرها.
على ذلك التل، تلّ النزوح، مقابل قرية القسطل، حيث سقط في اليوم السابق للمجزرة عبد القادر الحسيني، أنهينا فعاليتنا في الذكرى 64 للنكبة وللمجزرة.
الذكرى 64 لمجزرة دير ياسين
الذكرى 64 لمجزرة دير ياسين
الذكرى 64 لمجزرة دير ياسين
الذكرى 64 لمجزرة دير ياسين
الذكرى 64 لمجزرة دير ياسين
الذكرى 64 لمجزرة دير ياسين