أنا عبد المجيد حماد إبراهيم أبو سرور. كنت كبير لما طلعنا من البلد. الانجليز كانوا مسؤولين عن فلسطين. كان استاذ واحد بالبلد اسمه رشاد. أهلنا ما كانوا يبعثونا ع المدارس. أنا ما تعلمت بالمدرسة. كانوا الاولاد يتعلموا لكن أنا ما تعلمت. وبنات البلد ما كانوا يروحوا ع المدرسة. هذا كان عيب. كان معلم واحد. اسمه رشاد. كانت المدرسة ع طرف البلد. لما تطلع من القمر الصناعي أول شي تلاقيك هي، ع إيدك الشمال. كانت بناية كويسة مبنية من حجر. القمر الصناعي ما كان قبل الـ 48.
جيراننا كانوا من الشرق علار، وادي فوكين، هاي موجودة بالضفة، الجبعة، صوريف، عجور، زكريا، بيت جمال، الدير ظل الرهبان الطليان فيه، رافات، صرعة، عرتوف وكان فيها يهود، واحد اسمه قاقون ودكتورة تحكّم، كان ييجوها من جبل الخليل تدقهم ابرة ويرجعوا مشي، وبعدين من شامة دير أبان وجراش وبيت عطاب. اليهود الوحيدين بالمنطقة كانوا في عرتوف، كانت سكة حديد ومركز للانجليز، مختارهم اسمه قاقون. ودكتورة مش متذكر اسمها، يمكن مريم، أنا رحت تحكمت عندها، كنا نشرب ميّ ملوثة بالأرض، كانت مي راكدة يطلع فيها طحالب وتعمل مرض ملاريا، أخذوني عندها وضربتني ابرة ورجعت كأني ما في إشي. وكان كمان واحد في بيت جمال ولكن هي أشطر منه. كانت العلاقات مع عرتوف اليهودية علاقة ممتازة. كانوا يشتروا من عندنا جاج وبيض. وكنّا نبعث بضاعة لسوق محنيه يهوده بالقدس. لكن هم كانوا يخططوا لدولة. الحركة الصهيوينة كانت تجيب يهود حتى يشوفوا فلسطين. زعامة الفلسطينية الحسيني والنشاشسيبي كانوا يعرفوا وعد بلفور يعني وطن قومي لليهود.
احنا ستة اخوة. أمي أصلها من يازور. كل أخوتي ولدنا ببيت نتيف. 3 قتلوهم اليهود. اثنين بالبلد بالـ 48. كان يروحوا مع الثوار. بس ما كان معهم كفاية سلاح. كان الواحد يبيع غنم حتى يشتري سلاح. واحد ثالث انقتل بلبنان. أخوي كان معاه برن اخذه من المصاروة. أنا كنت بالبلد، أخوي استشهد. أبوي كان فلاح. نزرع ونعمل جبن. ما كنا نحتاج نشتري أي شي للأكل. موقع بيتنا كان بوسط البلد وين كانت السيارات توقف. بعدين بعناها وبنينا دار بالبر، يعني خارج مركز البلد. الأرض كانت وساع والناس صارت تبني برّة. كانت البلد قسمين الكفرية بالبلد فوق، والجمارنة تحت، عند الشيخ ابراهيم. مقام أثري وفيه درج. لكل عيلة كانت ساحة يتجمعوا فيها زلام العيلة.
من الجمارنة كانت عائلات أبو سرور وخميّس والنجول والمشايخ وغيرهم. الكفرية كان منهم أبو شعيرة أبو راشد منصور وغيرهم. بالساحة كان الختيارية يقعدوا ويعملوا قهوة ويتحدثوا. كان بالبلد جامع الأربعين وكانوا يغسلوا الأموات فيه والمقبرة قريبة منه في منطقة أم رمان. وكان فيها بير الطويل، بير عميق. جامع الأربعين كانوا يروحوا عليه الدراويش. وكانوا يصلوا بالساحات. كل عيلة تعمل صلاة بساحتها.
حوالي البلد مليان عدود [آبار ارتوازية]. كل الميّ تنزل من الجبال علينا. بير الكُرّامة، عين الكذابة، بير الزاغ، بير الصفصاف، بيارة خميّس وغيرها. كنا نزرع قمح وشعير وبندورة وفقوس. كان شجر زيتون كثير. وكان شجر فواكه داخل البلد. وكان حلال كثير بالبلد. كل الحلال يشرب من هذول العدود. كان واد بيجي من الجبال بمر عند القمر الصناعي بكمل على عجور وزكريا حتى الرملة اسمه وادي السمط. والسهل اسمه وادي السمط. كنا نزرعه قمح وشعير وفول وعدس. أما الخضرة فكنا نزرعها عند الدار في البلد. وكان عند كل دار بير ميّ، هاذ لاستعمال البيت.
مدينتنا هي الخليل. وكنا نروح على سوق بيت جبرين نبيع الحلال (الغنم) وبعدها صار سوق أقرب علينا في عجور وقبل ما نتهجر بكم سنة صار عندنا سوق بالبلد. وكان بالبلد تراكتورات. بالأول كنا نحرث على جاموسين، أنا كنت أشتغل بالبلد بالفلاحة، ولكن مع التراكتورات صار الشغل أسهل. يمكن كان اثنين بالبلد. كان طه أبو شربي كان عنده شاحنة. وبعدين صار باصات على خط القدس لكل منطقة العرقوب، هذه منطقة قرى القدس-بيت لحم من هذه الجهة اسمها العرقوب. والقطار كان قريب كنت تسافر لتل أبيب ويافا والرملة بالقطار، اللي اليوم اليهود سموها محطة بيت شيمش كنا نسميها محطة عرتوف. أنا سافرت من هناك قبل الـ 48 للرملة واللد. وبالباص كنت أروح ع القدس.
كان واحد اسمه يوسف أبو خميّس، هو كان مختار. ما كان يعرف يقرأ ويكتب ولكنه كان نابغة ومتكلم وكريم. هو اللي بتواصل مع الانجليز واليهود. لما كان ييجينا مكتوب للبلد كان يطلب من واحد يقرأ المكتوب. عادة المكتوب ييجي بلاغ من الحكومة لشخص من البلد مطلوب لمقابلة في مركز بيت جبرين. هناك كانت شرطة ومحكمة. كان بالبلد مختارين اثنين واحد من الكفرية عبد ربه أبو شعيرة، وواحد من الجمارنة هو يوسف خميّس. مرض بآخر فترة. مسكين.
بذكر أخوي الكبير اللي استشهد ببيت نتيف كان متجوز بس شهر. يمكن هو كان آخر واحد تجوز بالبلد. ما بنعرف وين انقتل وشو صار فيه. هجموا على مستعمرة وما رجعوش.
المقبرة من البلد وشامة. في الواد. فيها قبور فردية وفيها فستقيات. يمكن آخر واحد مات بالبلد هو المختار يوسف خميّس اللي طب فيه المرض الخبيث. وهو مريض كانت تيجي سيارة من بيت جالا زي تاكسي بريطاني توخذوا على الدكتور بالقدس يتعالج. مات وما اندفن بمقبرة البلد وانما دفنوه لحاله في أول دخول البلد على راس الطلعة.
المناوشات بين العرب واليهود بدت بأول الـ 48. اليهود هم اللي بدوا بالفساد. بدهم يعملوا دولة. كانوا يطلعوا على القرى بمجموعات صغيرة ويطخوا ع البلد حتى يهربوا ناس. صاروا يحتلوا بلاد واحنا نسمع شو بيعملوا. صاروا عرب منطقتنا يهجموا على عرتوف. هجموا خمس ست مرات. وكانوا اليهود يطلعوا منها. ويعاودوا يرجعوا. وفي منطقة كفار عصيون وحبيلة [مسوئوت يتسحاق ] ودير شعار [رڤاديم وعين تسوريم] كانوا مستوطنين يهود. كانت مجموعة مسلحين يهود طالعة على عصيون. بالنهار انكشفوا. كانوا 35 واحد. طالعين مشي. كشفوهم رعيان بمنطقة ظهر الحجة. من القمر الاصطناعي وشرق، رعيان من دار خميّس. هناك ساكنين دار خميّس. صاروا يصيحوا لأهل البلد أجوا اليهود أجوا اليهود. هجمت الناس من بلدنا وبلاد المنطقة. طوقوهم. ظلهم اليهود يقاوموا لآخر واحد. كلهم انقتلوا. المنطقة كانت جبال وعرة. المعركة ظلت لآخر النهار. أنا رحت هناك وحضرت المعركة. أجوا الإنجليز رافعين اعلام بيض وقالوا بدنا ناخذ الأموات. اليهود شعروا حالهم مهزومين. وخسروا عدة معارك بالمنطقة.
الجيش المصري أجا على منطقتنا ولكنه كان يذل شبابنا. صاروا يدربوا الشباب. لكن كانوا يمسكوا الواحد من رقبته ويقول له "ابرخ يا جمل حداد" ويضربه بالبسطار (الحذاء العسكري). واللي أجوا من منطقة بيت لحم كانوا جنود جلوب باشا، الجيش الأردني. وهذول الجيوش العربية هم اللي سلموا البلاد لليهود. انسحبوا المصاروة انسحاب، وتركونا. الناس خافت. صاروا يقولوا اليهود دخلوا. قسم طلع بنص الليل. ما أخذنا معنا ولا حاجة. هذا صار يمكن بشهر عشرة، بقت صارت الدنيا شتا. اليهود كانوا يطلعوا على الجبال قبال البلد ويطخوا باتجاه البلد حتى يرهبوا الناس. بالآخر اليهود دخلوا عن طريق بيت جمال. أنا كنت بالدار وقتها. دشرنا كل شي وطلعنا شردنا بالجبال. في نفس منطقة ظهر الحجة اللي انقتل فيها الـ 35 يهودي. لأنها هاي المنطقة قبال البلد. وصرنا نروح كل يوم نجيب اغراضنا وحلالنا من البلد. كان فيها يهود. ظلينا هيك شهرين. وفجأة بدأوا اليهود ينسفوا البلد. قلبوا أسفلها أعلاها. نسفوها قدام عينينا. كان البيت يفقع ويصير غبار ودخان. ومع ذلك كنا نقول بدنا نرجع. واحنا بظهر الحجة أجوا علينا الفرسان الأردنية، لابسين حطات صفر وحاملين سلاح، وهذول جنود جلوب باشا، سألونا شو بتعملوا هون. قلنالهم بدنا نرجع ع البلد. قالوا وين ترجعوا؟ ما في رجعة. معاكم 24 ساعة، حملوا اغراضكم وروحوا من هون. انتو وجودكم هون راح يخلي اليهود ييجوا ويوخذوا بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور. والله هذا الكلام صار أمامي وعلى سمعي. رفضنا وقلنا وين نروح؟ بدنا نرجع ع بلدنا. اتصلوا بقوة مشاة. أجونا جنود ملثمين وقامونا بالقوة. سقنا الحلال ورحنا باتجاه جبال الحبيلة واللي كانت عصيون. هاي عصيون كانت مستعمرة احتلوها العرب قبل كم شهر [13.5.1948] واحنا بالبلد بعدنا واخذوا منها أسرى للأردن. كملنا مشي. وصلنا بيت ساحور وهناك صرنا نرعّي في جبل أبو غنيم اللي بنوا فيه مستعمرة هار حومه. المصريين كانوا عند مار الياس عند تلبيوت بالقدس. مش بعيد عن أبو غنيم. وطردونا. قالوا وجودنا بيخرب عليهم. كانوا يضربونا بالحزام. وكانوا يقولوا للناس انه احنا جواسيس. انجبرنا نبيع الغنم. بعناها وسكنّا في بيت ساحور. هناك صرنا نسمع انهم بيبنوا مخيمات للاجئين واللي بده يسكن فيها ييجي. هون مخيم عايدة، هناك مخيم العزة، وبعدين الدهيشة والعروب والفوار. إحنا جينا هون يمكن سنة 1950-1951، كنا بابعين كل شي. ، كانوا يعطوا خيام كبيرة لسبع عائلات، فيها سبع عمدان. كل عيلة عند عمود. أرضها تراب. الخيمة ما بتتحمل مطر. عيشة صعبة.
بعد الـ 67 زرت بيت نتيف. كنت أروح ألقط تين واتجول فيها. كل شي فيها مدمّر. أما العودة فلن تتم إلا إذا أصلحنا حالنا واتحدنا ورجعنا إلى عقيدتنا. بوضعنا الحالي للأسف مش شايف أمل. مع اني مشتاق اعيش في بلدي.
وبدي أختم بتحية وترحيب فيكم:
طابت النفس سرورًا بلقا السادة الكرام
مرحبًا أهلًا وسهلًا بالأجلّاء الفخام
زرتمونا بعايدة أهلا وسهلا سامي المقام
عريق الأصل جدير الفضل عديم المثل بدر التمام
إلينا تشرّف بالفضل تعرّف لما توظّف نلنا المرام
-----------------------
عبد المجيد أبو سرور
سنة الولادة: 1933
مكان الولادة: بيت نتيف
يسكن حاليًّا في مخيم عايدة
أجرى المقابلة: عمر الغباري ورنين جريس
تاريخ المقابلة: 9.11.2016