الأصل: دار السهلي هم أصل بلد الشيخ. القصة بتقول، اجا مرة الجيش التركي وحط جنب البلد. جدّنا الشيخ السهلي قرر يعمل أكل ويبعث للجنود. لما سمع سلطان تركيا عن الشيخ اللي أطعم جيشه بعث له فرمان بكل الأرض حول المنطقة. الشيخ هو اللي عمل البلد. هذا الشيخ كان إنسان مؤمن من سلالة تميم الداري. التميميِّة اللي بنابلس وبكل البلاد كانو ييجوا كل سنة يزوروا قبر الشيخ السهلي ويجيبوا هدايا ويحُطّوا ستارات.
الأراضي: بلد الشيخ ملكها يصل حتى مصنع نيشر. هو بأرضنا. أرضنا من ياجور حتى الريفينري (مصفاة البترول). بارضنا كنا نزرع كل شي. عندنا بساتين فيها كل انواع الخضرة. كان فيها كثير مي. كان الناس تعبي من العين. كنا نبحش بالبلد مترين يطلع منها مي. كل الجبل من تحت لفوق كان تابع لبلد الشيخ. كل المستعمرات اللي عمّروها وصولاً للنبي يوسف، كل هاي المنطقة حتى تصل للتخنيون كانت مزروعة بكروم العِنب والتين والزيتون وتابعة لبَلَدنا. أهالي البلد ملاكين وأراضينا واسعَة. كان في مدخل البلد على يمين الشارع بساتين فيها مواتير مَيِّْ ألمانيِّة للري، لما كانوا يِشَغلوا الماتور تِطلَع الميّْ فَجِرْ، تِفغَرْ من جيوب الأرض بتوخذ الانسان بطريقها من قوِّتها. كان في بلد الشيخ عشر مواتير ميِّ، الماتور الواحد يِسقي عِشرين بستان، كل بستان خمس دونمات.عيون البلد كانت غامرِة البلد بالميّْ: عين السعادة وعين إم القصب لما كنت أشرب منها تحسّ بطعمة القصب الحلو، ميِّة عين ام القصب طيبِّة مثل السكّر. وعين إم الدرج كانت بالوادي كنا ننزل عليها بالدرج. كانوا أهل الطيرِة ييجوا يِضمَنوا الزيتون ويِشتغلوه وإحنا نِسوانْ بلد الشيخ ما كنا نشتغل.
عبد السهلي، بالوسط، زوج الحاجة لطيفة، في بلد الشيخ مع اصدقائه
مشاريع: الشيخ صالح السهلي عمل مشروع مواسير مي لكل البلد. كانت المي توصل البيت. أجت الكهربا ع البلد قبل ما نطلع بكم سنة. كانت باصات تطلع كل نص ساعة من البلد لحيفا والناصرة. محطة البنزين كانت على زمن الانجليز وكنت أشوفها من بيتنا. وكان القطار يمرق عند السعادة، اليوم اسمها تشك بوست. بلد الشيخ كانت مزدهِرة ومش ناقصها إشي، فيها فْرانة وكهرباء وباصات، فيها أطباء ومتعلْمين.
معالم: كان فيها مدرستين يعلموا لصف سادس وثامن. كان في نفس المدرسة أولاد وبنات لكن صفوف منفصلة. في ناس كملت تعليمها بمصر وتركيا. كان بالبلد جامعين واحد بالحارة الوسطى وواحد بالخبطة (قبل نيشر باول البلد). مقبرة البلد موجودة وفيها جامع وقبر الشيخ السهلي. ومرته وابنه. البلد كانت مقَسِّمة: الحارة الشرقيِّة والحارة الغربيِّة والحارة الوسطى واتقسمت الحارات لأقسام: دار الشيخ صالح ودار عثمان الهاشم ودار يونس ودار الولي ودار محمد علي ودار حمدان ودار عبد الحفيظ ودار العبد أبو راسين ودار علي السعيد وغيرهِن. اسماء المناطق اختفت، يعني الهَرْبَجْ هي اللي بنوا عليها مستوطنِة كفار حَسيدِيم، فَرْشْ الحَلَقَة هي اللي بنوا عليها اليهود التَخنِيون وفي وادي اسمُه وادي الطَبِلْ بين بلد الشيخ ونيشر.
العائلة: أبوي كان مزارع وتاجر عنده أرض وعنده دكان. إنا اكبر واحدة بأخوتي. أنا أهل أمي من صفورية. أجو أخذوني من البلد قبل التهجير. أبوي ما كان متعلم وأنا ما تعلمت بالمدرسة. أبوي كان عنده دكان كبيرة وكنت اقعد بالدكان.
منزل لعائلة السهلي في بلد الشيخ، اليوم كنيس يهودي في مدينة "نيشر" الإسرائيلية، شارع بار موحا
العمل: مع الوقت لما قامت المصانع جنب البلد صار ييجي ناس تسكن ببراكيات بأرض البلد. وهيك صارت الحواسة مثل بلد كبيرة. هي أرض لبلد الشيخ. ارض كانت فاضية، أجروها أهل البلد لناس غريبين أجوا يشتغلوا بمنطقة مينا حيفا والريفينري (مصفاة البترول).
الجيران: الطيرة كانت أقرب بلد علينا وعسفيا والدالية والياجور. أمي من حيفا. كنت أروح على حيفا، أبوي كان عنده سيارة. كان باصات كل يوم من بلد الشيخ لحيفا. صاحب الباص من أهل البلد. كنت أروح بالأعياد على حيفا، كانوا يعملوا مراجيح وألعاب عند الجامع، كنت أروح عند سيدي كثير. كان يهود نيشر قراب علينا. كانت أمي تبعثني على نيشر أجيب أغراض من عند اليهود كانت تعطيني ورقة وركاض أروح أجيب أغراض، وكان يهود ييجو على البلد.
التهجير: بس اليهود كانوا مخططين من البداية ياخذوا البلاد. الوسيط الانجليزي كان يضغط على أهل بلدنا يِسلّْموا سلاحهن، وعرضوا قائمة بأسماء الشباب اللي عليهِن يسلّموا حالهن لليهود. أهالي بلدنا رَفضوا العرض والشباب هربوا على الجبال. أجا الجيش البريطاني جاب التركّات وحمّلوا أهل البلد كبير وصغير وكبّوهن.
أنا طلعت قبل أهل البلد. أمي من حيفا ولما اشتدت الحرب بحيفا أجوا اهل أمي تسكن عندنا ببلد الشيخ، دارنا كبيرة فيها تحت 4 غرف وفوق 4 غرف ولما هجموا اليهود على بلد الشيخ قالوا ما بدنا نظل هون بدنا نروح على صفورية. كان لهم قرايب هناك لأنهم بالأصل من صفورية. وقالوا بدنا ناخذ بنتنا معنا، يعني أمي وانا معها. بعد 3 أشهر أخذوا البلد كلها. قبل ما ياخذوا البلد نهائي هجموا على البلد عدة مرات قبل هيك. في بلد الشيخ مرة العرب هجموا على باص اليهود، سبقوا له على الشارع وضربوا على الباص. إنا شفت هذا الحادث. حمّلنا تراك (شاحنة) أغراض من دكان أبوي ورحنا على صفورية. أبوي ظل بالبلد بس أنا وأمي رحنا مع دار سيدي. بعد 4 أشهر لحقنا. هجموا على صفورية وقصفوها بالطيارات. طلعنا من صفورية هاربين وما أخذنا شي معانا. اللي جبناه من بلد الشيخ خليناه في صفورية. جينا على الناصرة. بس بيتنا اجا على الناصرة وكل أهل البلد راحت على سوريا. نزل حياة أبوي حتى ياخذنا على سوريا زي قرايبه ولكن دار سيدي ما خلوه ياخذنا. فجينا على الناصرة. وفاتوا اليهود عالناصرة وأهل البلد طِلعوا في الشارع حاملين الرايات البيض. البلد سلّمت وطلبوا من الناس تجيب السلاح عالساحات العامة، كوام كبيرِة من السلاح بتحارب شهر كامل، مثل عورمة القمح عالبيادر، ثلاث أيام وهن يِضُبّوا من الناصرِة سلاح. بعدين جَمّعوا الناس في محلات وسيعة، حطّوا الختياريِّة لَحال والنسوان لَحال والأولاد لَحال والبنات لَحال حسب الأجيال، وصاروا يحققوا مع الناس، واللي ما بِدهم ايّاه يِحمّْلوه بباصات كل شبابيكها مدهونة بدهان أسود وما حدا عرِف وين أخذوهم.
وظلينا بالناصرة. بالأول استأجرنا بيت وبعدين أخوتي اشتروا أرض وعمّروا بيوت. أهل جوزي، هو ابن عمي، أجو على طمرة عشان أخواله في طمرة. التقينا صدفة بعد سنين. مرة هو جوزي – قبل ما نتجوز – اجا على الناصرة على الشؤون الاجتماعية وبالصدفة واحد سأله من وين انت؟ فقال أنا من بلد الشيخ. من أي عيلة؟ قال من دار السهلي. فقال له في ناس قرايبك ساكنين بالناصرة. سأل عنا وخبر أهله في طمرة وهيك التقينا. قبل هيك ما كنا نعرف عن بعض. هيك تعرفنا وبعدها تجوزنا. وجيت سكنت في طمرة.
الحاجة لطيفة السهلي مع ابنها وأحفادها في بلد الشيخ، كانون أول، 2012 / تصوير: عمر الغباري
المستقبل: أنا شخصياً لي علاقة بكل تينة وكل رمانة وكل زيتونة وكل حبِّة تراب في مسقط رأسي بلد الشيخ. بس حقوقنا إحنا منسيِّة وما حدا فاكرنا. جرُحنا دايماً مفتوح وحسرة في القلب. بلد الشيخ ما بتروح من بالي لا بالليل ولا بالنهار.
----------------
لطيفة محمود الولي – السهلي (1934)
ولدت في بلد الشيخ
مكان السكن الحالي: قرية طمرة
تاريخ المقابلة: كانون أول 2012
أجرى المقابلة:
رفيق بكري / صحيفة الحقيقة، كانون أول, 2009
عمر الغباري / زوخروت, كانون أول, 2012