سموها سلمة على اسم سيدنا سلمة من أيام النبي محمد، كان يحارب بمعركة، استشهد وقبروه بالبلد اللي سمّوها على اسمه.
كانت الناس عايشي بأراضيها كان عنا بيارات حمضيات ونزرع شعير وذره وقمح .. كان عنا دواب وبقر يعملوا ألبان واجبان.... أراضي البلد واسعة ... قلائل الناس اللي كانت تشتغل بأرض غيرها.. كانوا ييجو علينا من بلاد حوران يشتغلوا ببياراتنا..
عدد سكان سلمه كان تقريبا من 7 ل 8 آلاف نسمة، كلها حمائل كبيرة وعشائر، مثل دار أبو نجم، دار حمّاد، دار الشافعي ودار ابوشنب وغيرهم...
سلمة كانت قرية بس بتشبه المدينة، كان فيها دفاع مدني وكانوا يجيبو للمسلحين خبز وتموين وفشك ولما تصير معارك مع اليهود يجو أهل العباسية وكفر عانا وباقي القرى ويحاربوا معنا.
جنبنا كانت كوبانية "هتيكفا"، مرّه هجمنا على الكوبانيه، كان معنا حوالي 17 باروده، لما هجمنا هرب اليهود والعرب حرقوا الكوبانيه.
بالبداية كانت علاقتنا مع اليهود عاديه بس لما صارت المناوشات صار كل واحد يوخذ حذره.. كان اليهود يتجسسوا علينا عشان يعرفوا وين منخبي السلاح، السلاح كنا نشتريه من الإنجليز ومرّات من اليهود.. مرّه كنت على دراجة وشفت واحد يهودي بالشارع بده يبيع سلاح برن، أعطيته مصاري واشتريته... كنت اشتغل برمات جان عند فران يهودي، كان عنده معمل بسكوت... وكانت العلاقة كتير متيحه.
بسلمه كان عنا نادي وملعب للفوتبول. الملعب كان عبارة عن بيادر، بعد ما يخلص البيدر يستعملوه كملعب، مرات كانوا يتنافسوا مع فرق من قرى ثاني مثل العباسية واللد أو مع الألمان.
أنا درست في مدرسة سلمة للصف السابع.. واللي بده يكمل تعليمه يروح على يافا أو القدس... البنات كانوا يدرسوا لحال والأولاد لحال..
كنا لما نطلع مظاهره بعد المدرسة اليهود تهرب. كان عنا شيخ اسمه عبد الفتاح البشيتي كان شيخ ومأذون. طلعنا نتظاهر بعد المدرسة، كان الشيخ يخطب فينا وإحنا وراه... كنا حاملين عصي، ولما اليهود الهجاناه سمعونا نقول "الله واكبر" صاروا يهربوا...
اليهود كانوا يجو على الدراجات على الملعب.. أهل سلمة كانوا ينفسولهم عجال الدراجة.
حوالينا كان كوبانية الكيبوتس من الشرق ومن الشمال رمات جان ومونتيفيوري من جهة الغرب.. قرروا الثلاثة يهجموا على دار أبو حاتم من الثلاث جهات.. كان الموسم مطر المسلحين ما شافوا بعض وصاروا يطخوا على حالهم وأهل سلمة ما عملوا اشي.. بعدها انسحبوا... كان بدهم يهدموا دار أبو حاتم عشان قريبة من المستوطنات وبتكشف عليهم... وفعلا نجحوا يهدموا الدار.
بسلمة كان في مقاومة، كان موسى أبو حاشية قائد فصيل يجيب سلاح وفشك للفصيل، مره خطف اليهود أولاد أبو حاشية بس رجّعوهم... كان عنا إسعاف تابع للقيادة اسمهم "إسعاف المجاهدين"... كان المجاهدين يروحو للعلاج بمستشفى يافا.. لما تصاوب أبو زهير برصاصه رحنا زرناه بيافا... وأنا راجع من المستشفى وصلنا قريب من الكوبانيه طلّعت الباروده من غضبي وصرت بدي اطخ بس أهلي مسكوني بآخر لحظة...
"حرب... حماس... وزغاريد..."
كوبانية "تكفا" كانت مضرّه إلنا بسبب إنها كتير قريبه علينا وعلى أراضينا وبياراتها واليهود كانوا بطخّوا علينا من الكوبانية.
مرّه هجمت العرب على "هتكفا" وحرقوها.. كان في شاب مصري حمل خزانة من الكوباينة بده يوخذها ولما فتحها لاقى فيها يهودي مسكر على حاله وماسك فرد وخايف... لما شافه قتله.
بعدين أجا الإنجليز وعملوا هدنه عشان الطرفين ما يضربوا على بعض. جمعوا الكبار وقرروا انه ما يكون في ضرب. الهدنة مشيت لفترة بس اليهود بعد فتره رجعوا يطخوا على الناس اللي على الشارع الرئيسي.. اللي مثلا بده يروح على البياره كانوا يطخوا عليه بالطريق.
سمعت عن بنت من دار علي صالح يمكن اسمها شفيقه كانت ماشي مع بقراتها اليهود مسكوها وقتلوها.. وفي واحد كان اسمه أبو شريف ياسين كان يوزّع فشك على المسلحين، كانت الدنيا ليل وعتمه... أجا عليه اليهود وطخوه.
أنا كنت مسلح مع المسلحين ولما يجي دوري اطلع للحراسة بالليل...ما كنت أخاف... كنا نتشجع ولما تصير معركة النسوان تخبي فشك بحجرها وتبقى وهي ماشي تزغرد عشان تشجّع غيرها انه ما يخافوا.... كانت تجيب للمسلحين فشك...
النسوان بالبلد كانت تجمّع حالها وتساعد المقاتلين ... حرب... حماس ... وزغاريد... يا ريت متنا أيامها وما طلعنا...
الرحيل
لما اشتدت المناوشات سكرّت سلمة وما بقي غير طريق يازور الترابية للخروج .. صارت الناس تطلع وتطلّع الدواب والبقر.
بيتنا كنا أنا وأبوي وأمي وكان عنا بقر ودواب واخوي وأختي كانوا متزوجين، بتذكر أبوي لما شاف الناس ترحل، قعد على حجر وصار يقرأ سورة من القرآن، أجا عليه ابن عمي ورحّله، إحنا من آخر البيوت اللي رحلت عن سلمة... بالبداية.. لما رحلنا جبت بغلة ابن عمي وشدّيت عليها العدة وحطيت فيها التموين وطلعت أنا واخوي الكبير وابن عمي ورحّلت معنا جارتنا فاطمة الخواجا هي وثلاث بقرات إلها ... واطلعت قمح وشعير... وبارودتين ألماني وبرن وفشك وقنابل كله حطيته على الحمار... بس ما استعملتهم بعدها واطلعت مفاتيح الدار والمفتاح معي لليوم... كل الأثاث بقي بالبيوت، بسلمة كان عنا 3 بيوت.. دارين على أيام الروم ودار جديدة.
طلعنا على الدواب.. البغلة من الجوع صارت توقّف مش قادري تمشي... وإحنا من جوعنا صرنا نوكل ليمون...
جينا من طريق يازور وطلعنا.. قسم طلع على اللد لأنه كانت قريبة وأنا طلعت طريق سرفند ومن هناك على الرمله وضلينا نمشي بالليل لحتى وصلنا على خان الأحمر باللد... لما وصلت رحت بدي اشتري جبنه وزيتون حتى نوكل... وما عرفت كيف ارجع على الخان... صرت أنادي على ابن عمي وهو ينادي علي، اسمع صوته وما اعرف من وين الصوت يجي...لحد ما لاقينا بعض بالآخر.
نمنا بالخان، الدنيا كانت مطر وبرد، ليلتها نمنا على الأرض وما حسينا من التعب بالمطر تحتنا.
أبوي صار يقول شو بدنا نوكل، الطحين تركناه بالبيت... رجعت على سلمه أنا واخوي وفاطمة جارتنا، وجبت العرباي والبغلة ومليتهم طحين وشعير وبزّيله، هاي البزّيلة ما قدرنا نلقطها صرنا نضرب فيها بالمناجل.. حصدناها حصيده.. لما رجعت كان شكل البلد بخوّف ما كان فيها حدا.. إلا بعض المسلحين.
من اللد رحلنا على بيت ريما وهناك قعدنا من 48 ل 52 بعدها طلعنا على النواعمة وعين السلطان.. بالنواعمه سكنا عند دار فهمي النحّاس لل 1953 وبعدها طلعنا على الإرسال برام الله ومن هناك رحلنا على عمان... بعمان قعدت عند التاجر محمد علي بدير... اشتغلت عنده فتره بالخشب والحديد وهيك عشنا وبدأنا من جديد...
-------------
شهادة محمود عبد الفتاح حسن حماد
مكان الولادة: قرية سلمة (قضاء يافا)
تاريخ الميلاد: 28\28\1928
مكان السكن الحالي: الزرقاء\الأردن
مكان المقابلة : بيت الراوي في الزرقاء
تاريخ المقابلة: آذار، 2007