بلدنا سبلان كانت المرا أيدها وأيد الزلمة، تنكش وتحصد، كان عنا تين وزيتون وقمح وشعير ومواسم من كل شي، مش مثل هون (المخيم) ما في رزقة ولا في حد يساعدك.
أنا عشت نكبتين، الأولى لما تهجرنا من سبلان عام 1948 والثانية، بال 2007 لما تدمر كل المخيم بالقتال اللي صار بين فتح الإسلام والجيش اللبناني. بالنكبة الأولى عام 48 اشترينا أسلحة حتى نحمي بلادنا، الجيش الإسرائيلي عمل مجازر حوالينا، أنا ما بنسى الليلة اللي اجو فيها على صفد ولغمّوها وفجروها، مات كتير ناس يومها، والطرش مات والبيوت تهبطت، والله قعدت الناس تنبش ثلاث أو وأربع أيام تحت الردم حتى يطلعوا الجثث، في منهم إخوتها لام عوض اللي ساكني هون بالمخيم.
لما تأزم الوضع، الجيوش العربية صارت تقول "هدنه هدنه هدنه"، هم يقولوا هدنة، واليهود تقتل فينا، لحد ما احتلت اليهود كل الجليل الأعلى. ما هو إحنا يا حبيبي مثل الحمير، مين ما ربط الرسن براسنا بجرنا. جيش الركاض هذا ما عمل اشي، كان بس يجي عنا على البلد والنسوان تعجن وتخبز حتى تطعميهم.
جيش الإنقاذ فات على ترشيحا، وبس حسّوا بالخطر هربوا وتركوا أسلحتهم وهربوا على سعسع، قعدوا بسعسع يومين أو ثلاثة، وبعدين هاجمت اليهود الجش والصفصاف، وجيش الإنقاذ هرب.
ما احتلت اليهود سبلان، هربنا أنا وجوزي وابني الصغير على الوعر، وصرنا نشوف ناس تيجي من الجليل الأعلى وتهرب معنا على لبنان. الناس تبكي والأطفال تبكي، والمعزا تمقمق وحالة يرثى لها، والله العظيم جوزي لاقى ولد صغير بالطريق، حملة ومشي فيه، أنا قلت له شو بدنا نعمل في، أنا بالقوة قادري احمل ابني وشوية الأغراض. ما حسينا واللا مرا جاي علينا على وادي رميش وتبكي وتقول "شو عملت بحالي يا حبيبي يا يمّا"، سألوها شو صار، قالتلهم انه كان معها ولدين، الحمل كان ثقيل عليها، تركت ولد بالطريق وحملت الثاني، سألوها كيف شكل الولد، كان حامل لعبتين ودمجه زرقة ومنقطة بأبيض، جوزي عرف بالموضوع وجابلها ابنها، صارت تبكي وانهدّت على اجريها.
أجينا على رميش، لا في مي ولا خبز ولا طبيخ ولا خيم ننام فيها، وشبابنا بعدها بالحرش، صارت الإعاشة تساعدنا.
بعدين صارت البوسطه (الباصات) تحمّل اللاجئين على سوريا وعلى حلب وعلى مناطق مختلفة من لبنان. لما وصلنا النهر البارد، كانت حالة المخيم صعبة كتير، الحشيش والعشب والحطب كان طوله طول العامود، جبنا المناجل، وصرنا نقطع العشب حتى نحط الخيم. بذكر الدنيا يومها كانت برد وشتا كتير، كنا نرجف من البرد والأكل خرب. والله يا ابني القمل أكلنا. عملنا الشادر، وعملنا الموقدة، صرنا نخبز ونطبخ ونعمل شاي وندفي الأولاد بالشادر، نشرنا الفراش، جبنا بلان وقصيناه ونزلنا على السهلة مزروعة قصب مص وفرشناها، منتظمات الإغاثة جابتلنا بطانيات شعر، حطيناها وصرنا ننام عليها، وصارت تيجينا تبرعات من منطقة اسمها الكنايس ومن ناس ما منعرفهم. والحمد لله رب العالمين، الله أعطانا وتعلمت أولادنا وبناتنا وقطعوا الإعاشة عنا وصارت النهر البارد منطقة تجارية.
لما صارت الحرب بال 2007 بين فتح الإسلام والجيش اللبناني راح المخيم كله وتدمّر، ااااااااخ، معظم الناس هجّت بس أنا قلتلهم أنا شبعت هجّات وما بدي اطلع، ضليتني تسع أيام ما طلعت فيهم من البيت وما بعرف الطخ والقصف من وين كان يجي، بعد تسع أيام من الحرب طلعت على الشارع وصرت اصرخ واسب على القاتلين واقلهم إحنا شو ذنبنا، هدّيتوا المخيم وقطعتوا الكهرباء والمي واطلعتوا الأطفال جوعانة. بعدين أجبروني اطلع من المخيم لأنه ما ضل حدا. يومها رحت قعدت بصور سبع شهور وبعنجر سبع شهور وبعدها رجعت على نهر البارد واليوم أنا ساكنه لحالي بطرف المخيم لحتى يتعمّر من جديد..
مخيم النهر البارد / מחנה הפליטים אלנהר אלבארד
مخيم النهر البارد / מחנה הפליטים אלנהר אלבארד
ما تبقى من بيوت النبي سبلان / מה שנשאר מבתי הכפר סבלאן
قرية حرفيش المجاورة لسبلان / בתים בכפר חורפיש הסמוך לכפר סבלאן