رنين: ما هي علاقتك بسبلان كانسان اللي كبرت وتربيت بحرفيش؟
نمر: الرسول العربي أوصى بالمحافظة على الجار وسبلان هي جارتنا وحال سبلان هي كحال سحماتا ودير القاسي وسعسع وغباطية وكافة القرى المجاورة، وما حل بهذه القرى من نكبة عام 1948 ترك البصمات المرّة علينا نحن هنا الباقين في حرفيش، وحسب المخطط الصهيوني كان في تفكير لتهجير حرفيش وفسوطه ومعليا والتي عرّفوها باسم القرى الحدودية الواقعة على حدود لبنان. نحن لا نعتبر سبلان بلد أخرى وإنما هي وحرفيش بلد واحد.
أهالي حرفيش هم كذلك لجاؤوا الى رميش، أمي أصلها من حاصبية في لبنان، وفي الحرب اخذتنا ولجأت الى بيت جدي في لبنان وهناك قعدنا أربعة أشهر، ورجعنا بعد هيك لما قسم من أهل البلد عمل علاقات مع القوّات اليهودية بهدف إرجاع الناس. بن غوريون بحاله قال فسوطه ومعليا وحرفيش يجب ان تهجر بغض النظر عن الانتماء الطائفي، موشي شريت تدخل واقر إبقاء هذه القرى.
رنين: كيف العلاقة قبل النكبة بين أهل سبلان وحرفيش؟
نمر: كان في مدرسة بحرفيش وكانت بمراحل بنائها الأولية وشباب سبلان كانوا يتعلموا في حرفيش وأكثر من ذلك كل كتب التاريخ اليوم تشير الى أن حرفيش وسبلان هما وحده اقتصادية واحده. مثلا حينما كنا نزور مزار سبلان قبل النكبة، القيّم على المقام كان شيخ من دار فاعور، وكنا نتوجه له باسم سيدي سبلان، كان شيخ وقور مع لحية بيضاء وكنا نعتقد ونحن أطفال انه هو سيدي سبلان وكان نطلب منه ستاره حتى نربطها على جسمنا، فهذه الصور لا يمكن أن تمحى من الذاكرة.
رنين: عندما أتى أهل سبلان الى حرفيش، كم كان عمرك؟
نمر: سبع سنوات، وكنت ساكن في بيت أهلي الموجود لليوم في البلد القديمة، اذكر يومها الحاجة أم محمد ضيا فاعور، حيث أتت الينا مع أبنائها الصغار باكية وتطلب النجدة، هذا المشهد لا يروح من بالي أبدا، بقوا عندنا أيام أو أسابيع ريثما تدبروا الأمور، واذكر أيضا كافة أهل سبلان اللذين هجروا قريتهم واتوا الى حرفيش، وفيما بعد رحل معظمهم الى لبنان وترشيحا أو الى أماكن أخرى،
رنين: احكيلي أكثر عن اليوم اللي أتوا فيه أهل سبلان الى حرفيش
نمر: نحن كنا عائلة كثيرة الأولاد، أبي كان متوفي في تلك الفترة وأمي ولديها سبع بنات وولدان ولكنها كانت على استعداد أن تستقبل كل غادي ورائح طرق بيتنا، وفي تلك الأيام لم نكن في بحبوحه من العيش، شأننا كشأن كل الأقليات في هذه البلاد حيث الأوضاع الاقتصادية كانت صعبة. عندما دخلت الينا أم محمد وأسرتها، كان من واجبنا الإنساني والأخلاقي أن نستقبلهم على الرحب والسعة، حال عائلة الحاجة ضيا كان كحال آلاف اللاجئين الذين دخلوا حرفيش، وكل الراحلين الى سبلان من منطقة الناصرة والجليل الأسفل وكانت أنظارهم موجهه نحو لبنان وسوريا دخلوا عن طريق حرفيش، وأنا اذكر المئات والآلاف من المهجّرين الذين عبروا حرفيش، اذكرهم حفاه وشبه عراه، واذكر عويلهم وبكائهم، ففي اغلب الحالات كنت أرى أمراه أو شيخ يحمل على كتفه فرشه أو لحاف، والطفل الصغير الذي لا يتجاوز عمره السنتين أو ثلاث كان يسير خلف والديه، وفي حالات جيده كانت الناس تحمل بضائعها على الدواب والفرس وكل ما أمكن حمله كي يصلوا الى ملجأ في لبنان أو سوريا، وهيك صار مع أهل سبلان.
بذكر في ليلة شتاء ماطرة هربوا أربع نساء من منطقة الرامه ووجدوا أنفسهم ببيت الشيخ صالح علي بدر، ملابسهم كانت مبلله بالمياه، هذا الشيخ وعائلته ساعدوهم واستقبلوهم. في شيخ آخر اسمه عبد الله حسن فارس، كان عنده حقل، سمع مراه عم تطلع الطلقات الأخيرة قبل الولادة وكانت تستغيث، من ناحية أخلاقية ما قدر يقدم عليها، صبر عليها حتى أنجبت واجا على البيت واخذ غطاء وجاب أخته معه وحملوها مع مولودها على الدابة وجابوها للبيت، واهتموا فيها أسبوع كامل.
اذكر عائلات عديدة من سحماتا ودير القاسي وغيرهم اللي مكثوا في حرفيش سنه أو سنتين وبعدها رحلوا منها، اذكر منهم عائله معروف من دير القاسي، وعائلة الشيخ المرحوم أبو نيعم رشراش حسين عامر، من سحماتا كان في جريس سمعان وصالح دوخي خشّان اللي سكن في حرفيش حوالي عشرين سنه وكان جار أهلي، هؤلاء كنا نشعر معهم بروابط القربة الأهلية عدا عن الروابط القومية في الانتماء الى الوطن والى الاسره العربية التي نعتز جميعا بالانتماء اليها. أغلب المهجّرين تركوا حرفيش لأسباب اقتصادية واجتماعية والذين بقوا قلائل ومن أهالي سبلان بقي قلائل أيضا.
رنين: يعني اللاجئين اللي وصلوا على حرفيش قعدوا في الأراضي؟
نمر: صحيح، تحت زيتون في المرج ومنهم كان وهو عابر سبيل. أنا أتذكر المئات والآلاف من البشر اللي مرت على الشارع الرئيسي أو داخل البلدة كي تصل الى الحدود اللبنانية
رنين: احكيلي أكثر عن تهجير أهل حرفيش؟
نمر: بسبب الأخبار عن الاعتداءات والقتل، وبسبب وقوع قنابل في المنطقة الشرقية من حرفيش، هربت قسم من أهل البلد، حرفيش لجأت الى رميش وقسم وصل الى لبنان. هاي كانت بشهر 9 أو 10 عام 1948، بس كمان في ناس طلعت قبل ما أعلنت إسرائيل استقلالها.
الباحث شكري عراف تحدث الكثير عن الصفات والمزايا التي قام بها أهالي حرفيش حيث عملوا قدر الإمكان على إبقاء مع يعبرون في هذه البلد ومساعدتهم بان يعودوا الى قراهم التي تهجروا منها. مثلا بيت صالح علي بدر، كان يجيب لاجئين من رميش ومن القرى اللبنانية ويردّوهم للوطن. هدول كانوا يسمّوهم المهربين، لأنه في تلك الفترة خلصت كل المؤن وكانوا المهربين يروحوا على لبنان عشان يجيبوا مؤن، وهم راجعين كانوا يجيبوا معهم بعض اللاجئين. المهربين كانت تعرف كافة المسارب والمسالك المعروفة وغير المعروفة وكانوا يعرفوا كيف يجتازوا كل المناطق.
رنين: حرفيش توسعت على النبي سبلان وعلى بيوتها وأراضيها، كيف تعامل أهل حرفيش مع هذا الموضوع؟
نمر: نحن نتعامل مع هذا الموضوع بجدية تامة ولو أن أهالي حرفيش لم يبسطوا نفوذهم على منطقة وأراضي قرية النبي سبلان كان منذ أكثر من 50 سنه ستكون هنالك مستوطنه يهودية تعتدي على حرمة المقام وتصادر الأراضي، وبما انه الدولة اليهودية صادرت أكثر من 75% من أراضي حرفيش، قامت الحكومة الإسرائيلية بصفقات تبادل أراضي مع أهل حرفيش، ومن له أراضي في المواقع الشمالية والشرقية عرضوا عليه أراضي في النبي سبلان وفي موقع غباطي من الجهة الشرقية، والكل يعرفون أن هذه الأراضي لأصحابها أهالي دير القاسي وسبلان وغباطي لكن قالوا أفضل لنا أن نكون هنا نسيطر على هذه الأراضي ونفتح المجال لتحسين الظروف وهذا ما لم ليفعله اليهود. أما قضية توسع النبي سبلان واستغلال الأراضي من الناحية الغربية فقد بنيت عليها حارة "الجنود المسرحين" ولو لم تكن هنالك هذه الحارة لبنوا لنا مكانها مستوطنه يهودية كما هو الحال في سعسع وديرالقاسي وسحماتا.
رنين: ليش صادروا أراضي حرفيش وبادلوها؟
نمر: كيف يمكن لي أن أنسى قسيمه الأرض التي بحوزتي وتؤكد ملكيتي ل 45 دونم من ارض حرفيش، لكن الكيرين كييمت (صندوق أراضي إسرائيل) تنفي وجود قسيمه من هذا النوع، وعندما رفعت قضية الى المحكمة، اعترفوا بان هنالك خطا وبدل أن يعيدوا لي 45 دونم، اعترفوا ب 10 دونومات.
بعام 1956 فرضوا قانون التجنيد الإجباري على الدروز وبنفس الوقت صودر القطاع الحدودي من أراضي حرفيش وأعلنوا عن المنطقة كمنطقة أمنية وممنوع ندخلها. يعني عسكريا أنا كدرزي أصلح للخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي وعمليا لا أصلح لان اشتغل بأرضي لحجه أمنية.
بعد أربع سنوات فكوا الطوق الأمني عن الأراضي وحولوها لمنطقة زراعية واليوم أبقار سعسع تسرح وتمرح في أراضي حرفيش. في شهر الحصاد في 1949 اللي كان زارع أرضه قمح أو عدس أو شعير قالوا له لا يمكن أن تدخل أرضك إلا إذا بتمضي على الخدمة بالجيش، يعني أرضك مربوطة بالخدمة العسكرية
رنين: لنعود الى سبلان، هل بتشعر انه الناس اللي بتزور المقام عارفين وين هم رايحين؟ فاهمين انه البيت اللي جنب المقام هو بيت لعائلة اللي تهّجرت منه؟
نمر: ما بعتقد، هنالك محاولات مدسوسة لمحو تاريخ المنطقة، حتى المقبرة القرية اليوم عم تؤكل وتصادر
في الفترة الأخيرة كان في مجموعة مدسوسة اعتدت على المقبرة وهدمت احد القبور وبعدها أجا المجلس المحلي وبنى القبر من جديد بباطون. أنا شخصياً تلقيت رسائل تهديد بأسماء مستعارة، من قبل 4 أو 5 سنوات، أنا متأكد أنها رسائل تهديد من المخابرات الإسرائيلية، تهديد بقتلي لأني ادعم أهل سبلان. أنا بعد ثلاثين سنه من عملي كمعلم فصلت من المدرس بحجه انه أنا كنت اتظاهر ضد التجنيد الإجباري وأولادي ما خدموا بالجيش وأنا اعتز بهذا.
رنين: في أصوات مثلك بحرفيش؟
نمر: ...
الشيخ نمر نمر (مواليد 1941) / השיח' נימר נימר (יליד 1941)
قرية حرفيش المجاورة لسبلان / בתים בכפר חורפיש הסמוך לכפר סבלאן
مقام النبي سبلان / מקאם הנביא סבלאן
ما تبقى من بيوت النبي سبلان / מה שנשאר מבתי הכפר סבלאן
مقبرة قرية سبلان / בית הקברות של כפר סבלאן
مقبرة قرية سبلان / בית הקברות של כפר סבלאן
مدخل مقام النبي سبلان / דלת הכניסה למקאם