يعدّ الإعلان عن الأراضي بوصفها "مناطق إطلاق نار" واحدة من الوسائل التي تصادر بها دولة إسرائيل أراضٍ فلسطينية، وتطبّع فيها النهب المستمر للشعب الفلسطيني، سواء كان ذلك في أراضي 1948 أم في أراضي 1967.
في عام 1945، كان أقل من 10% من الأراضي في المنطقة التي أنشئت عليها دولة إسرائيل مملوكة لليهود * وفي أعقاب حرب 1948 تحوّل أكثر من 80% من النساء والرجال الفلسطينيين الذين كانوا قاطنين في هذه المساحة إلى لاجئين، وقد تم تدمير نحو 600 قرية من قراهم * وفي سنة 1949، صارت نحو 78% من الأراضي التي أقيمت عليها دولة إسرائيل "أملاك غائبين"، أي أنها أراضٍ تم احتلالها ومصادرتها* وحتى سنة 2002، فإن غالبية هذه الأراضي غير مسكونة. فهي إما مغلقة أو تم الإعلان عنها بوصفها حدائق وطنية ومحميات طبيعية، أو تم الإعلان عن تحولها إلى "مناطق إطلاق نار"* 27% من مساحة دولة إسرائيل يستخدمه الجيش * وأيضا في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل سنة 1967 فإن نحو 18% من الأراضي قد تم الإعلان عنها كمناطق إطلاق نار*
في مطلع الثمانينيات، أعلن الجيش عن مساحة تبلغ نحو 30 ألف دونم في منطقة مسافر يطا، الواقعة جنوبي جبل الخليل، بوصفها "منطقة إطلاق النار رقم 918" * وفي نهاية سنوات التسعينيات، تم طرد أكثر من 700 من سكان المنطقة بدعوى "السكن غير القانوني في منطقة إطلاق نار" وتمت مصادرة أملاكهم* في شهر أيار (مايو) 2022 أصدرت المحكمة العليا للتطبيع قرارها بأن إسرائيل يمكنها أن تجري تدريبات عسكرية في المكان، وأن تطرد نحو 1300 من ساكنات وسكان مسافر يطا، ويشمل هذا الرقم مئات القاصرين* ويجري الجيش منذ ذلك الوقت تدريبات بالدبابات، إطلاق ذخائر حية وتفعيل ألغام داخل القرى وقريبا من المنازل، مع هدم المباني، وفصلها عن البنى التحتية، والحؤول دون وصول سكانها إلى مصادر المياه والخدمات الإنسانية*
ينبغي أن ننظر إلى التنكيل بسكان مسافر يطا في سياق النهب المستمر والتطهير العرقي المتعمد في جميع المناطق التي سيطر عليها النظام الصهيوني: ففي ظل الاستعمار الاستيطاني، والحكم العسكري، والاحتلال والحصار، سواء بواسطة التهجير المنهجي والممؤسس أو بواسطة المضايقات والتهديدات لغرض دفع الناس إلى الهرب* إن نكبة سكان وساكنات مسافر يطا هي جزء من نكبة الشعب الفلسطيني المستمرة *