هذه المبادرة التي قام بها الإخوان من جنوب أفريقيا والتي تبلورت بعد أن قرأوا كتاب محمود عيسى عن لوبية وبعد أن شاهدوا الفيلم الذي تمّ تصويره في لوبية، هي مبادرة أثرت في نفسي وسبّبت لي الانفعال الكبير، وجعلتني اكتشف أنه ما زال في العالم أناس يملكون أحاسيس ومشاعر التماثل مع الضحية، ومع من أصيب بأعزّ شئ عنده ألا وهو وطنه. نحن اللاجئين والمهجّرين من لوبية منذ 1948 نحيا مع شعور الأسى والحزن على خسارة قريتنا، ولكن تتملكنا الرغبة في العودة إليها وبنائها من جديد.
نحن على تواصل منذ 5 سنوات مع مجموعة مناهضة الكيرن كييمت في جنوب افريقيا ونقوم بالتنسيق معًا. واليوم أودّ أن أتقدم إليهم بالشكر الجزيل على موقفهم الإيجابي تجاهنا، وعلى ابتكار فكرة الاعتذار من أهالي لوبية. لقد أرادوا إقامة هذا الطقس خلال مسيرة العودة الى لوبية عام 2014 والتي كانت مسيرة جبارة، ولكننا ارتأينا أن يكون هذا الحدث منفردا ومستقلا وواضحا وجليًّا حتى يحظى بالاهتمام اللائق ويسجّل كموقف مفصليّ مشرّف لهذه المجموعة التي ستقوم بالاعتذار أمامنا على ما فعلته الكيرن كييمت بأموالهم على أرضنا أرض لوبية.
وهم كما ناهضوا حكم الابرتهايد وكنا نتضامن معهم، ها نحن نراهم اليوم يتضامنون معنا ويقومون بمناهضة الظلم الممنهج ضدنا. هذه خطوة جريئة تدل على قوة موقفهم ومتانة مبادئهم.
كما وأشكر زوخروت على التعاون معنا لانجاز هذه السابقة وتنظيم طقس الاعتذار على ارض لوبية. كلنا أمل أن تكون هذه الخطوة فاتحة أمل وبداية مسيرة للمزيد من التعاون والنشاطات لتعزيز العلاقة بيننا.
نحن نؤمن أن هذه الخطوة تدعم حقنا في العودة إلى بلدنا. وأن نموذج جنوب أفريقيا يمكنه أن يكون مرشدًا لنا في تحقيق العدالة والمساواة وأن العودة لن تسبب طرد ناس آخرين من بيوتهم حتى لو كانوا من المستعمرين شرط أن يعترفوا بأن هذه الأرض هي أرضنا، وحينها يمكن إيجاد المعادلة المناسبة للعيش في هذه الديار. هناك مكان للجميع. قبل نشوء الصهيونية كان سكان هذه البلاد متعددي الأديان وكان منهم يهود وكانت العلاقة جيدة بين الجميع ويمكن أن تكون جيدة في المستقبل إذا استندت على العدالة والمساواة التامّة.