صبًارين (وتلفظ بفتح الصاد وتشديد الباء) قرية فلسطينية، تقع في الأطراف الغربية لبلاد الروحة على بعد 35 كم جنوبي حيفا وعشرة كيلومترات شرقي زمارين (زخرون يعقوب)، وكانت تتبع في فترة الانتداب البريطاني لقضاء حيفا. تحدها من القرى الفلسطينية السنديانة وبريكة من جهة الغرب، قنير وكفر قرع من جهة الجنوب والجنوب الشرقي، أم الشوف وخبيزة من جهة الشرق، وأم الدفوف ودالية الروحة من ناحية الشمال الشرقي. ترتفع صبارين قرابة المئة متر عن مستوى سطح البحر، وقد استمد اسمها، كما يبدو، من نبات الصبّار الذي يتواجد بكثرة في المكان.
كغيرها من قرى بلاد الروحة، صبارين ومحيطها منطقة غنية جداً بالمياه جرت حولها عيون كثيرة أهمها: عين البلد (التي ينبع منها الوادي الجوفي الذي يصب في البحر المتوسط قرب قرية جسر الزرقاء، ويسير بمحاذاة وادي التماسيح) وعين الحجة ووادي الزيوانية وعين أبو حلاوة وعين الفوار وعين البلاطة وعين أبو شقير وغدير الخضيرة الذي يمر منه الوادي القادم ممن جهة خبيزة.
بلغت مساحة أراضي صبارين في فترة الانتداب البريطاني قرابة 33،000 دونم وقد امتدت من السنديانة غرباً وحتى خبيزة شرقاً، ومن أراضي شفية ووادي الملح في الشمال وحتى قنير جنوباً. كانت صبارين أكبر قرى الروحة الاثنتين والثلاثين من حيث عدد السكان حيث بلغ عدد سكانها عشية النكبة قرابة 2000 نسمة. ومن العائلات التي سكنتها نذكر: الحاج محمود، الدعمة، أبو لبدة، حطاب، أبو السمن، عناية، المصاروة، العباهرة، أبو صيام، الحميدي، الخوجة، أبو جاد، أبو سويلم وعبد الهادي.
صبارين في ثورة 1936 -1939: كانت صبارين مركزاً نشطاً من مراكز الثورة في منطقة بلاد الروحة والكرمل. تشكل فيها فصيل ثوري برئاسة إبراهيم الخوجة، وكان يتبع صبري الحمد عصفور ويوسف أبو درة. بلغ عدد أعضاء هذا الفصيل 13 ثائراً وقد استشهد من أعضائه حسني أحمد حطّاب، في حين استشهد من المدنيين خضر المحمد الذي لم يكن من الثوار، وقد قتلته القوات البريطانية عام 1938 أثناء الطوق الذي ضربته على المنطقة بحثاً عن القائد يوسف أبو درة.
النكبة والتهجير: مع بداية المناوشات في نهاية عام 1947 وبداية عام 1948، بدأت بعض المحاولات لتنظيم مواقع دفاعية في القرية والقرى المجاورة وأرسلت بعض الوفود إلى بيروت ودمشق لإحضار الأسلحة والذخيرة.
في نهاية كانون الثاني 1948 جاء بعض ضباط جيش الإنقاذ إلى صبارين واجتمعوا مع مخاتير صبارين والسنديانة وأم الشوف وبريكة وخبيزة، وطالبوهم بتنظيم مواقع دفاعية وتدريب الشباب على استعمال السلاح. لكن هؤلاء الضباط جوبهوا بمعارضة المخاتير الذين قالوا بأنهم يريدون المحافظة على العلاقات الحسنة التي تربطهم مع المستوطنات اليهودية المجاورة: بنيامينا وزخرون يعقوب. موقف المخاتير هذا لم يشفع لهم ولقراهم يوم الثاني عشر من أيار 1948 حين هاجمت قوات منظمة "إيتسيل" للقرى الخمس وبطبيعة الحال تم تجميع معظم القوات المهاجمة في محيط صبارين.
في شهادة لموشيه نير(نحشون) قائد الهجوم قال: " عند تسلمنا الأوامر بمهاجمة صبارين، أعطيت فرقتي أمراً بالتحرك على شكل كتائب يؤمنها في المقدمة بعض قصاصي الأثر وبعض الخلايا من الجناحين. تقدمنا نحو صبارين وقد أمّن تقدمنا فرقتان وسيارة "جيدي" المدرعة التي كان فيها مدفع رشاش ووحدة مسلحة بالبنادق. أظهر العدو مقاومة من جهات مختلفة، وخاصة باتجاه الوحدة التي تقدمت في الأرض المكشوفة، لكنه فوجئ من نيران الأسلحة الرشاشة والبنادق التي وجهت نحوه من الأجنحة والفرق التي سيطرت على التلال المشرفة على القرية.... أثناء التقدم تم تكبيد العدو خسائر فادحة وصلت إلى أكثر من عشرين قتيلاً، وقد أصاب سكان القرية الرعب والهلع وبدأت عملية هروب جماعية، عندها بدأت السيارة المدرعة بمطاردة الهاربين وإمطارهم بالنار الشديدة ".
وأما معين الدعمة، وهو من سكان صبارين وكان شاهد عيان على ما حصل، فقد وصف الهجوم قائلاً: " دخل اليهود القرية من جهة الجنوب، وبدأوا بإطلاق النار بشكل عشوائي على كل إنسان يرونه. وكنت على البيدر أدرس الشعير، وكان دخولهم وقت الضحى، كانت أمامي صبية تحمل أخاها وقد أصيب الصبي ابن السنتين وبدأ الدم يتدفق من جرحه، كما ورأيت شخصاً عجوزاً كان يحل ضيفاً في البلد أصابته رصاصة فخر صريعاً، كما ورأيت بأم عيني مصرع ثلاثة من بائعي الزيت قتلهم المهاجمون مع حميرهم".
على إثر هذا الهجوم، يضيف معين الدعمة، نزح معظم سكان القرية من الجهة الشرقية التي فتحها المهاجمون عن قصد ليمكنوا السكان من ترك المكان. أما من لم يستطع منهم فعل ذلك من العجزة والمرضى وكبار السن فقد جمعهم المهاجمون في متبن كان تابعاً لسليم عبد القادر وهناك حرقوا عليهم المتبن".
ويضيف معين الدعمة قائلاً بأنه "عاد بعد الهجوم بأسبوعين لأخذ بعض الأغراض من البيت فوجد المكان مليئاً بالجثث التي تنهشها الكلاب المسعورة". أما المهاجمون فيعترفون بتجميع من تبقى من سكان القرية في "محبس" لبضع الوقت ثم طردهم بعد ذلك في اتجاه أم الفحم.
وقال موشيه نير واصفاً ذلك: " في صبارين أقمنا محبساً أدخلنا فيه كل كبار السن والنساء والأطفال ممن لم يستطيعوا الهرب، والذين تواجدوا في القرية أثناء احتلالها وتفتيشها، وقد وصل عددهم إلى أكثر من مئة. بعد عدة أيام بعثناهم (في الأصل سلمناهم) إلى أم الشوف ومن هناك تم توجيههم، تحت الرقابة، إلى أم الفحم وذلك كي نكفل عدم بقائهم في المنطقة أو محاولة الرجوع إلى قريتهم".
هذه الرواية أخذ بها بيني موريس مضيفاً إليها بعض التفاصيل حول ماهية المحبس وكون جدرانه من الأسلاك الشائكة.
ثمة شهادة أخرى لضابط شارك في العملية هو أبراهام بندوري الذي يقول فيها بأن احتلال صبارين انتهى الساعة الثامنة والنصف صباحاً، وقد تحدث أيضاً عن وقوع 80 قتيلاً من سكان القرية و300 أسير، في حين ذكر بأن إجلاء الأسرى كان في تمام الساعة الثالثة من عصر ذلك اليوم.
إن المتمعن في شهادة الضابطين يرى تناقضاً واضحاً بالنسبة لعدد القتلى (الفارق بين الشهادتين كان ستين قتيلاً) وبالنسبة للأسرى إذا كانوا قد حجزوا بضعة أيام أو بضع ساعات فقط. هذا مع العلم أن موشيه نير كان قاد عملية الهجوم واحتلال القرية في ساعاتها الأولى، وسلمها إلى بندوري في ساعات الظهيرة حيث تمركزت وحدته في القرية لبضعة أيام قبل تسليمها لقوات "الهاجاناه".
وإذا أخذنا بالاعتبار أن موشيه نير لم يمض في القرية إلا بضع ساعات (من بداية المعركة وحتى الثانية عشرة والنصف ظهراً) فإن مصداقية شهادته تبدو عالية في الساعات الأولى للقتال، أما بندوري، الذي تسلمها ظهراً، فإن شهادته تبدو أكثر مصداقية فيما يتعلق بالفترة التالية. والسؤال يبقى هل ضم بندوري في إحصائه للقتلى أولئك الذين تحدث عنهم معين الدعمة؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب ينتج لنا تفسير معقول للفرق في عدد القتلى بين شهادتي نير وبندوري.
يتواجد معظم لاجئي صبارين في مخيمات اللجوء في الضفة الغربية والأردن، وبعضهم في مخيمات اللجوء في سورية ولبنان، وبعضهم في باقي المهاجر. كما ويعد قسم منهم على لاجئي الداخل حيث يقيمون في الفريديس وعارة وعرعرة وبرطعة وأم الفحم ومعاوية.