مقدمة الكتيّب
ترفض قرية القبو أن تبقى في قبوها الذي حبسها فيه المحتل منذ ستين عامًا وأكثر. فبعد أن قامت الدولة الإسرائيلية بواسطة أذرعها المسلحة بتفجير بيوت القرية وهدمها عن بكرة أبيها، وبعد أن قامت بواسطة خبرائها الجغرافيين بمحو اسم القرية عن الخرائط الرسمية، وبعد أن قامت بواسطة مؤسستها الاستعمارية –الصندوق القومي اليهودي – بتغييرهوية المكان وتلبيسه قناعًا أخضر مصطنعًا لمواراة المعالم العربية الفلسطينية، وبعد كل هذه السنين من محاولات صقل وعي جديد يلائم المشروع الصهيوني، تأبى قرية القبو أن تندثر. ها هي حاضرة أمامنا في هذا الكتيب المتواضع الذي يوثق تاريخ هذه القرية الصغيرة من خلال شهادات لاجئيها ومن خلال خرائط أقدم من الدولة تشهد بوجود القبو على قمة من قمم جبال القدس.
من الجدير ذكره أن القبو، على صغرها ورغم تغييبها، نجحت في فرض حضورها في وجه بعض الإسرائيليين الذين يسكنون قريبًا منها. فكان هذا التوثيق، ولقاء لاجئي القبو، ثم الجولة التعليمية التي تنظمها جمعية ”زوخروت“ في موقع القرية لتعريف الجمهور العام بها، بمبادرة من مجموعة إسرائيلية يهودية تسكن في تلك المنطقة.
تتجاوب ”زوخروت“ مع هذه المبادرات إيمانًا منها بأهمية الفعاليات التي تزيد من وعي الجمهور العام، خاصة الإسرائيلي، حول أحداث النكبة الفلسطينية. حيث يكمن الصراع وحيث يكمن الحل. فإن اعتراف الطرف الإسرائيلي بمسؤوليته عن النكبة الفلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم وبلداتهم هما من الخطوات الضرورية للمصالحة بين الشعوب المتصارعة على هذه الأرض.
”ذاكرات القبو“ هو الكتيب رقم 42 في سلسلة الكتيبات التي تصدرها ”زوخروت“ عن القرى والبلدات المنكوبة في هذه البلاد، وقد صدر قبله كتيبات عن المواقع التالية: عيلبون، إقرث، كفر بِـرِعم، المنشية–يافا، الغبـَيـَات، العراقيب، كفرعنان، الدامون، مسكة، السميرية، العجمي في يافا، عمواس يالو وبيت نوبا، حطين، الكفرين، الشجرة، ترشيحا، بئر السبع، جليل، اللجون، سحماتا، الجولان، اسدود والمجدل، خربة جلمة، الرملة، اللد، عكا، حيفا، عين المنسي، الحرم (سيدنا علي)، عين غزال، لفتا ودير ياسين.
عمر الغباري
زوخروت (ذاكرات)
كانون الأول 2010
-----------------------------
عن القرية
قرية عربية في فلسطين تبعد 18 كم إلى الجنوب الغربي من القدس، على طريق بيت جبرين – القدس وقريبة من سكة حديد القدس - يافا. كانت تربطها طرق ممهدة بقرى بتير وحوسان ووادي فوكين والولجة ورأس أبو عمار.
أقيمت القبو على قمة جبل من جبال القدس ارتفاعه 775م عن سطح البحر وينحدر بشدة نحو وادي السكة ( من وادي الصرار). كانت القرية معروفة بالعصر الروماني باسم "قوبي". يحيط بالقرية ثلاثة أودية هي وادي السكة في الشمال ووادي شعب القبو في الغرب ووادي عين جامع في شرقها.
كانت مساحة الأرض التي بنيت عليها منازل القبو 12 دونماً وبنيت بيوتها بالحجر وامتدت القرية عبر نموها العمراني امتداداً طولياً من الشمال إلى الجنوب بمحاذاة الطريق المؤدي إلى طريق القدس – بيت جبرين الرئيسي. لم يكن بالقرية مرافق وخدمات عامة، سوى بعض الدكاكين. يوجد فيها مقام الشيخ أحمد العمري في الجهة الجنوبية الشرقيية، وتحتوي على آثار كنيسة معقودة وحوض معقود وقناة قديمة. وكان قرب البلد عدة ينابيع منها عين طوز وعين البيضا.
تبلغ مساحة أراضي القبو 3608 دونمات استثمرت بزراعة الحبوب والأشجار المثمرة أهمها أشجار الزيتون والعنب.
كان عدد سكان القبو عام 1948 حوالي 300 نسمة وكان فيها حوالي 50 بيتاً.
احتلال القبو
يشير الكتاب الإسرائيلي "تاريخ حرب الاستقلال" إلى أن الكتيبة السادسة من لواء "هرئل" التابع للجيش الإسرائيلي دخلت القرية في 21 تشرين أول/ أكتوبر 1948، بعيد عملية "ههار"(الجبل). يقول المؤرخ الإسرائيلي بني موريس إن القرية احتلت في 23.10.1948 وكان هذا الهجوم الذي شنّ في أواخر الهدنة الثانية من الحرب يهدف إلى احتلال مجموعة من القرى الواقعة في القسم الجنوبي من الممر المؤدي إلى القدس. ويشير بني موريس إلى أن القوات المحتلة عزمت على ألا تترك أية مجموعات مدنية في المنطقة فكان مصير سكان القبو إما الهرب وإما الطرد نحو بيت لحم وتلال الخليل.
ويبدو أن القبو تنقلت بين أيدي الإسرائيليين والأردنيين حيث كانت من جملة أربع في منطقة القدس تم التنازل عنها لإسرائيل بمقتضى اتفاقية الهدنة مع الأردن ليتيح بقاء سكة الحديد القدس – يافا كلها داخل حدود دولة إسرائيل.
وجاء في كتاب "تاريخ حرب الاستقلال" أن الجيش الإسرائيلي دخل القرية "بدون قتال" في الأسابيع التي تلت 3 نبسان 1949، يوم توقيع الاتفاقية في رودس.
الموقع اليوم
موقع القرية ليس بعيداً عن حدود خط الهدنة ويمكن رؤية علامات الحدود في أراضي القرية، وهي بذلك ليست بعيدة عن قرى وادي فوكين وبيتر وحوسان الواقعة في الضفة الغربية. ويقع الحاجز العسكري إسرائيلي على بعد 3 كيلومترات من علامات الحدود الدولية باتجاه وادي فوكين.
أنشئت مستعمرة "مبو بيتار" على أراضي القبو عام 1950.
أنشأ الصندوق القومي اليهودي (قيرن قييمت ليسرائل) على موقع القرية وعلى أغلب أراضيها متنزها على اسم مناحم بيجن وزرع أحراش الصنوبر. وما زال يكثر في الموقع ركام المنازل وحطامها. وتبدو مقبرة صغيرة مهملة وبعض قبورها منبوش في الجانب الشرقي الجنوبي من مركز القرية، وهي مقبرة آل عبيد الله، إحدى عائلات القرية. وما زال أحد مساجد القرية قائماً، وهو البعيد عنها والموجود قرب عين القبو، إلا أنه مغلق ومهمل. وعند المسجد آبار ماء وشبكة من قنوات الري والشرب، مع مبان حجرية مقنطرة حول العين.
المصادر:
- נגה קדמן, (נגה קדמן, בצדי הדרך ובשולי התודעה, 2008.
- الموسوعة الفلسطينية (האנצקלופדיה הפלסטינית), דמשק, 1984.
- Walid Khalidi, All that Remains, 1990, 307-308
- www.PalestineRemembered.com
- Salman Abu Sitta, The Palestinian Nakba 1948, 2000.
لتحميل الملف