يتألف معرض "هنا في اللا هنا" من عملين مركزيين: أرشيف سِيرِيّ (بيوغرافي) مرئي ومعروضة تفاعلية، تمنحان فرصة لإلقاء نظرة معاصرة على العلاقات القائمة بين مساعي محو الحيز الحضري الفلسطيني في حي القطمون في القدس عام 1948، وبين الآثار المتبقية في هذا الحيز.
عُرضت هذه الأعمال لأول مرة في شهر أيار 2017 داخل بيوت مفتوحة، وهو مشروع تُنفذه ذاكرات للسنة الثالثة في ذكرى يوم النكبة. وفي إطاره تُقام على طول نهاية أسبوع واحدة تداخلات فنية وجولات في الأحياء والبيوت الخاصة التي طُرد منها سكانها الفلسطينيون سنة 1948. هذه السنة أقيم المشروع في حي القطمون في القدس بالتعاون مع الباحثة والفنانة د. دوريت نعمان، والمشروع الوثائقي – التفاعلي الذي أنتجته حول الحي، Jerusalem We Are Here| يا قدس، نحن هنا https://jerusalemwearehere.com)).
يستعير المشروع اسمه من قصيدة "جدارية" (1999) للشاعر الفلسطيني محمود درويش، والتي تُعنى بالفجوة الزمنية بين الحياة في عالمنا هذا وبين أغوار الموت، كولادة متجددة تنتج عن الحوار المركب الذي يخلقه درويش بين الحاضر والمستقبل. هذا الحيز الجديد الذي ينشأ على سلسلة زمنية تتأرجح بين الغياب والحضور، هو المحور الرئيسي للمعرض.
"البيت العربي"، الذي أصبح في عصرنا هذا شغفًا معماريًا وعقاريًا معزولا عن التاريخ والسياق، كان بالنسبة لعائلات هذا الحي حيّزًا لخلق حياة جديدة وكوزموبوليتانية، اتّسمت بخليطٍ من اللغات وشكّلت مركز ضيافة لغرض الترفيه، مقرًا للحوارات السياسية والفكرية، وملتقى لأشخاص قدموا من مختلف أنحاء العالم العربي. مصير أهالي الحي مرتبطٌ بمصير هذا البيت. الأشخاص الذين شيّدوا هذا البيت وسكنوا فيه، حلِموا به وكَتبوا عنه، تحوّلوا قسرًا بين ليلة وضحاها من سكان أصلانيين إلى لاجئين.
العملان يدعواننا للسير في رحلة متعددة المراحل تمتد على محور زمنيّ يجمع بين ماضي، حاضر ومستقبل حي القطمون في القدس. هذه الرحلة تدعونا لمحاولة صياغة مفهوم جديد للحيّز في حي القطمون. فضاء جديد لا يقتصر على جغرافيا الحيز الحضري الفلسطيني المنسيّ منذ نكبة عام 1948، إنّما يحوي في ثناياه حيزًا مُحتملا يمكّننا من تخيّل مختلف الاحتمالات المكانية، السياسية والرمزية للعودة. هذه محاولة متواضعة لإعادة نسج علاقات، متخيلة وملموسة، بين أشخاص، مبانٍ، شوارع منذ ذلك الزمان، في يومنا هذا وللمستقبل- إعادة بناء البيت العربي، الخالي من الاستعارة، كمكان، تاريخ، قصص ووجوه لبشر، في القدس، في تل-أبيب وفي كل البلاد التي ارتبط مصيرها بمصيره.
أمينة المعرض: ديبي فربر، حجيت كيسار
تموز 2017