المعارض الثلاثة المُنظّمة ضمن مشروع هنا في اللاهنا تتتبّع رحلة متعددة المراحل تمتد على محور زمنيّ يجمع بين ماضي، حاضر ومستقبل حي القطمون في القدس. هذه الرحلة تدعونا لمحاولة صياغة مفهوم جديد للحيّز في حي القطمون. فضاء جديد لا يقتصر على جغرافيا الحيز الحضري الفلسطيني المنسيّ منذ نكبة عام 1948، إنّما يحوي في ثناياه حيزًا مُحتملا يمكّننا من تخيّل مختلف الاحتمالات المكانية، السياسية والرمزية للعودة.
"البيت العربي"، الذي أصبح في عصرنا هذا شغفًا معماريًا وعقاريًا معزولا عن التاريخ والسياق، كان بالنسبة لعائلات هذا الحي حيّزًا لخلق حياة جديدة وكوزموبوليتانية، اتّسمت بخليطٍ من اللغات وشكّلت مركز ضيافة لغرض الترفيه، مقرًا للحوارات السياسية والفكرية، وملتقى لأشخاص قدموا من مختلف أنحاء العالم العربي. مصير أهالي الحي مرتبطٌ بمصير هذا البيت. الأشخاص الذين شيّدوا هذا البيت وسكنوا فيه، حلِموا به وكَتبوا عنه، تحوّلوا قسرًا بين ليلة وضحاها من سكان أصلانيين إلى لاجئين.
ستقام المعارض الثلاثة في منازل يقف فيها الحضور والغياب جنبًا إلى جنب بشكل أكثر حدّة، ويتحول التاريخ غير المسرود من غياب إلى حضور. إنّها دعوة لتحويل الـ "بيت العربي" إلى مكان وتاريخ وروايات ووجوه الأشخاص الذين سكنوه.
معرض "القطمون القديمة: أرشيف متيقّظ" يتعمّق في الأرشيف المدني لحي القطمون، الذي أعدته د. دوريت نعمان. إنّه أرشيف بديل لا يرتكز فقط على الإصرار على تذكّر وتوثيق الماضي الغائب والمكبوت لحي القضمون، إنّما يسير أيضًا في الاتجاه المعاكس لمحاولات إلقاء الإدراك الزمني الفلسطيني خارج الإطار الزمني الصهيوني.